حكم من يكفر الصحابي معاوية بن أبي سفيان

رقم الفتوى ( 2487 )

السؤال : ما رأيك بمن يكفّر الصحابي معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه؟ وما حكمه؟
الجواب : تكفير المسلم مزلة عظيمة ومهواة بعيدة، فعن ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” أَيُّمَا امْرِئٍ قَالَ لِأَخِيهِ : يَا كَافِرُ، فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا، إِنْ كَانَ كَمَا قَالَ، وَإِلَّا رَجَعَتْ عَلَيْهِ “. رواه البخاري ومسلم واللفظ له. وهذا عام في كل مسلم فكيف بتكفير صحابي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
ومعاوية رضي الله عنه من كتبة الوحي الذين ائتمنهم النبي صلى الله عليه وسلم على الوحي؛ بل عد بعض العلماء معاوية رضي الله عنه من المبشرين بالجنة فعن عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِت رضي الله عنهِ، وَهُوَ نَازِلٌ فِي سَاحَةِ حِمْصَ، وَهُوَ فِي بِنَاءٍ لَهُ، وَمَعَهُ أُمُّ حَرَام ٍ رضي الله عنها. قَالَ عُمَيْرٌ : فَحَدَّثَتْنَا أُمُّ حَرَامٍ رضي الله عنها أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ” أَوَّلُ جَيْشٍ مِنْ أُمَّتِي يَغْزُونَ الْبَحْرَ قَدْ أَوْجَبُوا “. قَالَتْ أُمُّ حَرَامٍ رضي الله عنها: قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا فِيهِمْ ؟ قَالَ : ” أَنْتِ فِيهِمْ “. ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” أَوَّلُ جَيْشٍ مِنْ أُمَّتِي يَغْزُونَ مَدِينَةَ قَيْصَرَ مَغْفُورٌ لَهُمْ “. فَقُلْتُ : أَنَا فِيهِمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : ” لَا “.رواه البخاري.
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْخُلُ عَلَى أُمِّ حَرَامٍ بِنْتِ مِلْحَانَ رضي الله عنها فَتُطْعِمُهُ، وَكَانَتْ أُمُّ حَرَامٍ رضي الله عنها تَحْتَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِت رضي الله عنه، فَدَخَلَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَطْعَمَتْهُ وَجَعَلَتْ تَفْلِي رَأْسَهُ، فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ، قَالَتْ : فَقُلْتُ : وَمَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ : “” نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَيَّ غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ، يَرْكَبُونَ ثَبَجَ هَذَا الْبَحْرِ مُلُوكًا عَلَى الْأَسِرَّةِ “. أَوْ ” مِثْلَ الْمُلُوكِ عَلَى الْأَسِرَّةِ “. شَكَّ إِسْحَاقُ. قَالَتْ : فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ. فَدَعَا لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ وَضَعَ رَأْسَهُ، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ، فَقُلْتُ : وَمَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ : ” نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَيَّ غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ “. كَمَا قَالَ فِي الْأَوَّلِ، قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ. قَالَ : ” أَنْتِ مِنَ الْأَوَّلِينَ “. فَرَكِبَتِ الْبَحْرَ فِي زَمَانِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، فَصُرِعَتْ عَنْ دَابَّتِهَا حِينَ خَرَجَتْ مِنَ الْبَحْرِ فَهَلَكَتْ. رواه البخاري ومسلم.
وكان معاوية رضي الله عنه أول من غزا في البحر.
وقد نهى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن سب أصحابه فكيف بتكفيرهم؟ فعن ْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي ؛ فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا، مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ، وَلَا نَصِيفَهُ “.رواه البخاري ومسلم.
وهذا المكفر لمعاوية رضي الله عنه فاسق ضال وجاهل ينبغي تعريفه الحق وزجره عن هذا التكفير، وهذا أشد ضلالا من الغلاة الذين يكفرون المسلمين اليوم.

 

زر الذهاب إلى الأعلى