إذا وافق يوم العيد يوم الجمعة،فهل تنوب خطبة العيد عن خطبة الجمعة

رقم الفتوى ( 2474 )

السؤال : إذا وافق يوم العيد يوم الجمعة، فهل تنوب خطبة العيد عن الجمعة؟ وجزاكم الله خيرا.

الجواب :صلاة الجمعة فرض مقطوع به منصوص في كتاب الله عز وجل، قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [سورة الجمعة: 9[
والأحاديث التي جاءت في اجتماع الجمعة والعيد وفيها جواز ترك الجمعة كلها ضعيفة ومتكلم فيها. ولا يجوز ترك الحكم القطعي لأحاديث ضعيفة وآثار محتملة.
قال الإمام ابن المنذر رحمه الله (الأوسط ح 2185): ” أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى وُجُوبِ صَلاةِ الْجُمُعَةِ، وَدَلَّتِ الأَخْبَارُ الثَّابِتَةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم عَلَى أَنَّ فَرَائِضَ الصَّلَوَاتِ خَمْسٌ، وَصَلاةُ الْعِيدَيْنِ لَيْسَ مِنَ الْخَمْسِ، وَإِذَا دَلَّ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالاتِّفَاقُ عَلَى وُجُوبِ صَلاةِ الْجُمُعَةِ، وَدَلَّتِ الأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم عَلَى أَنَّ فَرَائِضَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، وَصَلاةَ الْعِيدَيْنِ لَيْسَ مِنَ الْخَمْسِ، وَإِذَا دَلَّ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالاتِّفَاقُ عَلَى وُجُوبِ صَلاةِ الْجُمُعَةِ وَدَلَّتِ الأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم عَلَى أَنَّ صَلاةَ الْعِيدِ تَطَوُّعٌ، لَمْ يَجُزْ تَرْكُ فَرْضٍ بِتَطَوُّعٍ” ا.هـ.
وأصح ما جاء في اجتماع الجمعة والعيد حديثان:
الأول : عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الْعِيدَيْنِ، وَفِي الْجُمُعَةِ بِـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} ، وَ {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} ، قَالَ: (وَإِذَا اجْتَمَعَ الْعِيدُ وَالْجُمُعَةُ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ ؛ يَقْرَأُ بِهِمَا أَيْضًا فِي الصَّلَاتَيْنِ). رواه مسلم.
فهذا نص بيّن أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا اجتمعت الجمعة والعيد كان يصلي الصلاتين ويقرأ فيهما بِـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} ، وَ { هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ{

والثاني : قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : ثُمَّ شَهِدْتُ (يعني العيد) مَعَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه فَكَانَ ذَلِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَصَلَّى قَبْلَ الْخُطْبَةِ، ثُمَّ خَطَبَ فَقَالَ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ هَذَا يَوْمٌ قَدِ اجْتَمَعَ لَكُمْ فِيهِ عِيدَانِ، فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْتَظِرَ الْجُمُعَةَ مِنْ أَهْلِ الْعَوَالِي فَلْيَنْتَظِرْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَرْجِعَ، فَقَدْ أَذِنْتُ لَهُ. رواه البخاري.
فقد صلى عثمان رضي الله عنه الجمعة والعيد، وكان هذا بحضور الصحابة رضي الله عنهم، ولم ينكر عليه منهم أحد، ولو كان ثَمَّ سُنّة بترك الجمعة وأن لا صلاة بعد ركعتي العيد كما يفيده الأثر المنقول عن ابن الزبير وابن عباس رضي الله عنهم لأنكروا على عثمان رضي الله عنه مخالفة السنة ولذكروها له ، ومنهم ابن الزبير وابن عباس رضي الله عنهم، ولكن هذا يدل على ضعف الأثر عن ابن الزبير وابن عباس رضي الله عنهم واضطرابه.
وإنما رخص عثمان رضي الله عنه لأهل العوالي إما لأنهم لا تجب عليهم الجمعة لأنهم ليسوا أهل مصر، أو لأنه يشق عليهم أن يمكثوا في المدينة إلى صلاة الجمعة، ولا جمعة في قراهم، وأما اليوم فالجمعة في كل قرية فأي عذر للناس بترك الجمعة حتى على القول بترخيص عثمان رضي الله عنه لأهل العوالي دفعا للمشقة؟
وذهب الإمام أحمد رحمه الله إلى أن من صلى إحدى الصلاتين تسقط عنه الأخرى بشرط أن يصلي من لم يصل الجمعة الظهر، وهو قول مرجوح لضعف الأحاديث في ذلك، لكن من قلده في ذلك فقد قلد إماما متبوعا.
والراجح الذي عليه جمهور العلماء أنه إذا اجتمعت الجمعة والعيد فلا بد من أن تصلى الجمعة والعيد، وهل يرخص لأهل العوالي والقرى البعيدة أخذا بظاهر أثر عثمان رضي الله عنهما؟ أو يؤول كلام عثمان رضي الله عنه وترخيصه بأنه في حق من لم تجب عليه الجمعة؟ قولان لأهل العلم.
والله أعلم.

زر الذهاب إلى الأعلى