حكم حلق اللحية

رقم الفتوى ( 2419 )

السؤال : اللحية سنة من سنن النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن الناس من يحلقها ،ومنهم ينتفها ، ومنهم من يقصر منها ، ومنهم من يجحدها ، ومنهم من يقول : إنها سنة يؤجر فاعلها ولا يعاقب تاركها ، فما حكم كل واحد من هؤلاء المختلفين وما حكم من أنكر سنة من سنن النبي صلى الله عليه وسلم ؟
الجواب : اللحية شعيرة من شعائر الدين جاء ذكرها في القرآن في قصة موسى وهارون عليهما الصلاة والسلام ، قال الله تعالى : (قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي ۖ إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي)[سورة طه: 94]. فالقرآن الكريم دل على أن هارون عليه الصلاة والسلام كان ذا لحية فاللحية من سنن المرسلين ، وقد جاءت أحاديث متواترة في وصف النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأنه كان ذا لحية كثيفة وبالأمر باللحية وفي الحث عليها :
فعن ﺃﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ رضي الله عنه ﻳﺼﻒ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻗﺎﻝ: «ﻛﺎﻥ ﺭﺑﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﻮﻡ ﻟﻴﺲ ﺑﺎﻟﻄﻮﻳﻞ ﻭﻻ ﺑﺎﻟﻘﺼﻴﺮ، ﺃﺯﻫﺮ اﻟﻠﻮﻥ ﻟﻴﺲ ﺑﺄﺑﻴﺾ، ﺃﻣﻬﻖ ﻭﻻ ﺁﺩﻡ، ﻟﻴﺲ ﺑﺠﻌﺪ ﻗﻄﻂ، ﻭﻻ ﺳﺒﻂ ﺭﺟﻞ ﺃﻧﺰﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻫﻮ اﺑﻦ ﺃﺭﺑﻌﻴﻦ، ﻓﻠﺒﺚ ﺑﻤﻜﺔ ﻋﺸﺮ ﺳﻨﻴﻦ ﻳﻨﺰﻝ ﻋﻠﻴﻪ، ﻭﺑﺎﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻋﺸﺮ ﺳﻨﻴﻦ، ﻭﻗﺒﺾ ﻭﻟﻴﺲ ﻓﻲ ﺭﺃﺳﻪ ﻭﻟﺤﻴﺘﻪ ﻋﺸﺮﻭﻥ ﺷﻌﺮﺓ ﺑﻴﻀﺎء” رواه البخاري ومسلم.
– وعن جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ رضي الله عنه قال كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَدْ شَمِطَ مُقَدَّمُ رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ ، وَكَانَ إِذَا ادَّهَنَ لَمْ يَتَبَيَّنْ وَإِذَا شَعِثَ رَأْسُهُ تَبَيَّنَ وَكَانَ كَثِيرَ شَعْرِ اللِّحْيَةِ” رواه مسلم .
– وﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ رضي الله عنها ﻗﺎﻟﺖ: «ﻛﻨﺖ ﺃﻃﻴﺐ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺑﺄﻃﻴﺐ ﻣﺎ ﻳﺠﺪ، ﺣﺘﻰ ﺃﺟﺪ ﻭﺑﻴﺺ اﻟﻄﻴﺐ ﻓﻲ ﺭﺃﺳﻪ ﻭﻟﺤﻴﺘﻪ ” رواه البخاري .
– وعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ قَصُّ الشَّارِبِ وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ وَالسِّوَاكُ وَاسْتِنْشَاقُ الْمَاءِ وَقَصُّ الأَظْفَارِ وَغَسْلُ الْبَرَاجِمِ وَنَتْفُ الإِبْطِ وَحَلْقُ الْعَانَةِ وَانْتِقَاصُ الْمَاءِ ».رواه مسلم .
– وعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ وَفِّرُوا اللِّحَى وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ ». وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا حَجَّ أَوِ اعْتَمَرَ قَبَضَ عَلَى لِحْيَتِهِ فَمَا فَضَلَ أَخَذَهُ.رواه البخاري ومسلم .
– وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « جُزُّوا الشَّوَارِبَ وَأَرْخُوا اللِّحَى خَالِفُوا الْمَجُوسَ ».رواه مسلم.
فمن جحد مشروعية اللحية وهو يعلم هذه النصوص بلا تأويل ، أو استهزأ بها كشعيرة فقد وقع في الكفر .
وقد نقل الإمام ابن حزم رحمه الله الإجماع على تحريم حلق اللحية . فمن قال بسنية أصل اللحية فهو مخطئ .
وأما تخفيف اللحية والأخذ منها فمن مسائل الخلاف ، لكن الأولى إعفاؤها اتباعا لما كان عليه النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم .والله أعلم .

زر الذهاب إلى الأعلى