ما حكم العقيرة

رقم الفتوى ( 2311 )

السؤال : في ظل غياب الجهات الشرعية للفصل في النزاع بين المتخاصمين بالأحكام الشرعية اضطرت الناس إلى الأحكام العرفية للفصل في النزاعات ، وتعلمون ما يسمى بالعقيرة في مجتمعنا وهي قدوم الطرف المخطئ إلى منزل المخطئ عليه اعترافاً بالذنب وعقر ثور أو رأس غنم عند منزله بنية الإرضاﺀ وتطييب الخاطر .. فما حكم (العقيرة) وحكم الأكل منها ؟
‎الجواب : لا يجوز للمسلمين أن يتذرعوا لترك التحاكم إلى الشرع بعدم وجود الجهات الشرعية ، فالعلماء موجودون والشرع بيّن والكثير من أحكامه يمكن العمل بها من قبل مشايخ القبائل ، نعم هناك بعض الحدود يصعب تطبيقها من غير حاكم عام ، ولكن ينبغي للعلماء ولمشايخ القبائل ولعامة الناس أن يجتهدوا في التحاكم إلى حكم الشريعة وطريقة الشريعة في الفصل في الخصومات . وأما العقيرة فهي في اعتقادي بدعة جاهلية وعادة سيئة لا تجوز من المسلمين ، كيف لا يرضى المسلم عن أخيه إلا بتحميله بهذا الذبح والتكلف وإظهار التعظيم ثم العقيرة تحمل من عقرت له على القبول مطلقا بحق أو بباطل ، والأعظم من ذلك أن تتخذ العقيرة كحكم وطريق للفصل في النزاع بدلا عن طريق الحق كل ذلك يدل على تحريم العقيرة وليست العقيرة كذبيحة الإكرام التي يذبحها الذابح برضا ومحبة ولا تكون بدعة صادة عن حكم لله فلا يصح تشبيه العقيرة بذبيحة الإكرام الجائزة المستحبة . ولا يتبين للعبد الفقير أن العقيرة من الذبح لغير الله الذي هو من الشرك ؛ فإن الذبح الذي يكون عبادة يفعل تقربا إلى الله عز وجل ويشتمل على صفات العبادة التي أساسها المحبة والخوف والرجاء فالعابد محب للمعبود يفعل العمل الذي هو عبادة محبة وتقربا ، وذابح العقيرة مبغض لخصمه غير محب له فكيف يكون متقربا إليه ، وإنما يذبح طالبا رضاه في هذا الأمر حتى يتخلص من التبعات لا أنه متقرب إليه ذاتا ؛ بل قد يكون قلبه حين ذبح هذه الذبيحة يلعن خصمه ويسبه ويشتمه ؛ بل هذا هو الظاهر فالذابح للعقيرة يذبح مع الكره للفعل والفاعل ولا يخاف من المذبوح له ما لا يقدر عليه إلا الله ؛ بل إنما خوفه من تفاقم المشاكل القبلية ونحو ذلك ، ولا يرجو الذابح للعقيرة من المذبوح له شيئا مما لا يرجى إلا من الله ؛ بل يرجو ويطلب السماح وترك بعض الحق وترك النزاع والخصومة ونحو ذلك مما يجوز طلبه من المخلوق ، وبهذا يتبين أن حكم العقيرة وسط بين من تساهل فيها وأجازها وجعلها من الإكرام والإطعام وبين من تشدد فيها وجعلها من الشرك وحرم أكل لحمها لأنها أهلت لغير الله ، فالحق أن العقيرة ليست من الشرك وليست مما أهل به لغير الله ، ولكنها بدعة باطلة وعادة سيئة لا تحل . والله أعلم .

زر الذهاب إلى الأعلى