التسبيح يكون باليد اليمنى وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يسبح بيمينه كيف وقد قال الله تعالى [ يوم تشهد عليهم ألسنتهم و أيديهم. …..] كيف يكون هذا
رقم الفتوى ( 2141 )
السؤال : ياشيخ ، التسبيح يكون باليد اليمنى وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يسبح بيمينه ، كيف وقد قال الله تعالى [ يوم تشهد عليهم ألسنتهم و أيديهم. …..] كيف يكون هذا ؟
الجواب : قال الله عز وجل : (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)[سورة النور: 24].
وفي الحديث عَنْ حُمَيْضَةَ بِنْتِ يَاسِرٍ عَنْ يُسَيْرَةَ رضي الله عنها أَخْبَرَتْهَا أَنَّ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- أَمَرَهُنَّ أَنْ يُرَاعِينَ بِالتَّكْبِيرِ وَالتَّقْدِيسِ وَالتَّهْلِيلِ وَأَنْ يَعْقِدْنَ بِالأَنَامِلِ فَإِنَّهُنَّ مَسْئُولاَتٌ مُسْتَنْطَقَاتٌ. رواه أبو داود والترمذي . فقوله : ” وَأَنْ يَعْقِدْنَ بِالأَنَامِلِ” عام في أنامل اليدين ، وفي قوله : ” فَإِنَّهُنَّ مَسْئُولاَتٌ مُسْتَنْطَقَات ” إشارة إلى الآية السابقة وفي ذلك التعليل دليل على أن ذلك يعم اليدين اليمين والشمال ؛ لأن الآية ذكرت اليدين.
وفي الحديث عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « خَصْلَتَانِ أَوْ خَلَّتَانِ لاَ يُحَافِظُ عَلَيْهِمَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ إِلاَّ دَخَلَ الْجَنَّةَ هُمَا يَسِيرٌ وَمَنْ يَعْمَلُ بِهِمَا قَلِيلٌ يُسَبِّحُ فِى دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ عَشْرًا وَيَحْمَدُ عَشْرًا وَيُكَبِّرُ عَشْرًا فَذَلِكَ خَمْسُونَ وَمِائَةٌ بِاللِّسَانِ وَأَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ فِى الْمِيزَانِ وَيُكَبِّرُ أَرْبَعًا وَثَلاَثِينَ إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ وَيَحْمَدُ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ وَيُسَبِّحُ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ فَذَلِكَ مِائَةٌ بِاللِّسَانِ وَأَلْفٌ فِى الْمِيزَانِ ». فَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَعْقِدُهَا بِيَدِهِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ هُمَا يَسِيرٌ وَمَنْ يَعْمَلُ بِهِمَا قَلِيلٌ قَالَ « يَأْتِى أَحَدَكُمْ – يَعْنِى الشَّيْطَانَ – فِى مَنَامِهِ فَيُنَوِّمُهُ قَبْلَ أَنْ يَقُولَهُ وَيَأْتِيهِ فِى صَلاَتِهِ فَيُذَكِّرُهُ حَاجَةً قَبْلَ أَنْ يَقُولَهَا ». أبو داود ووالنسائي الترمذي وابن ماجه إلا أنه ليس في النسائي ” بيده ” وقوله: ” بيده” جنس يشمل اليمنى واليسرى وإنما هو كقولك : رأيت بعيني وسمعت بأذني وفي كتاب الله عز وجل : ( تبارك الذي بيده الملك ) ، ولا شك أنه قد يأتي لفظ ( بيدي) والمراد به اليد المفردة ولكن لفظ : ” فَإِنَّهُنَّ مَسْئُولاَتٌ مُسْتَنْطَقَات ” قرينة تدل على إرادة كلتا اليدين . وقد جاء عن َمُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ حَدَّثَنَا عَثَّامٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- – يَعْقِدُ التَّسْبِيحَ بِيَمِينِهِ. فتفرد ابن محمد بن قدامة بلفظة ” بيمينه ” وخالف الأئمة الكبار مثل سفيان وشعبة وحماد وغيرهم فتكون رواية ابن قدامة شاذة ؛ لأن فيها مخالفة فروايته تقتضي إفراد اليد وأن تكون باليمين ورواية الآخرين تحتمل أن تكون باليدين وهو ما تدل عليه الآية والأحاديث الأخرى . وأما الحديث الذي فيه أن النبي صلى الله عليه وآله كان يحب التيامن في شأنه كله فليس فيه دلالة ؛ لأن من التيامن البدء باليمين وهو لا ينفي التسبيح باليدين فالمسبِّح بيديه سيبدأ باليمين قبل الشمال . وأما القول بأن اليمين للتكريم والشمال لما سواه فإنما ذلك في التناول للأشياء ، وأما في التعبد فهو شامل لليدين كالدعاء ووضع اليدين على الصدر في الصلاة ووضع اليدين على الأرض في السجود ، ومثل ذلك التسبيح . ومن صحح رواية ” محمد بن قدامة ” ولم يجعلها منافية ولا مخالفة لرواية أكثر الرواة وقال باستحباب التسبيح باليمين فلا حرج عليه في فهمه . والله أعلم .