حكم البكاء على الميت
رقم الفتوى ( 1128 )
السؤال : ياشيخنا ما حكم البكاء على الميت ؟ وهل صحيح أن البكاء على الميت كل دمعة تنزل بجمرة عليه كما نسمع ذلك كثيرا ؟ الجواب : البكاء على الميت الذي يغلب على الإنسان ليس فيه شيء وهو من طبيعة الإنسان وخارج عن طاقته ، وقد قال الله سبحانه وتعالى في آخر سورة البقرة : ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها)، وقد بكى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبكى أصحابه معه كما في قصة زيارة سعد بن عبادة رضي الله عنه ، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: اشْتَكَى سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ شَكْوَى لَهُ، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يَعُودُهُ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ فَوَجَدَهُ فِي غَاشِيَةِ أَهْلِهِ، فَقَالَ: «قَدْ قَضَى» قَالُوا: لاَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَبَكَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، فَلَمَّا رَأَى القَوْمُ بُكَاءَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ بَكَوْا، فَقَالَ: «أَلاَ تَسْمَعُونَ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُعَذِّبُ بِدَمْعِ العَيْنِ، وَلاَ بِحُزْنِ القَلْبِ، وَلَكِنْ يُعَذِّبُ بِهَذَا – وَأَشَارَ إِلَى لِسَانِهِ – أَوْ يَرْحَمُ، وَإِنَّ المَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ» وَكَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «يَضْرِبُ فِيهِ بِالعَصَا، وَيَرْمِي بِالحِجَارَةِ، وَيَحْثِي بِالتُّرَابِ» رواه البخاري . وفي هذا الحديث أن الميت يعذب ببكاء أهله عليه ، والمراد بالبكاء الذي يعذب به الميت الذي يرتفع به الصوت لا بدمع العين ، ومعنى عذاب الميت به هو تأذيه كما فسره بعض أهل العلم ؛ لأن القاعدة أنه لا تزر وازرة وزر أخرى ، وحمله بعضهم على أنه يعذب حقيقة فيما إذا أوصى أهله بأن يبكوا عليه ، وعلى هذا المعنى يقول الناس : إن الدمعة بجمرة ، ولا جزم بهذا ولكنه ليس ببعيد ، فالحذر من البكاء الزائد والنحيب على الموتى .