وهلك القذافي
وهلك القذافي
لم يكن خبر هلاك القذافي مفاجئا بالنسبة للكثير من الناس، فهذه هي سنة الله عز وجل في الظالمين، قال الله عز وجل: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ * وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ} [إبراهيم:13- 15]. هكذا قضى الله عز وجل فيما أوحى به إلى رسله قضى بإهلاك الظالمين وتوريث المؤمنين الذين يخافون مقام ربهم ووعيده أرضهم وديارهم، وإذا ما استفتح الرسل وأتابعهم ربهم عز وجل وتضرعوا إليه وخرجوا من حولهم وقوتهم جاء الفتح وخاب وهلك كل جبار ظالم معاند. وقال الله عز وجل: {إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ}[السجدة:22]. ولا شك أن القذافي كان من الظالمين المجرمين.
وقال الله عز وجل: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ* وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ * وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ * الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ * فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ * إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} [الفجر: 6-14]. وقد كان الله عز وجل للقذافي بالمرصاد فأذله وأهانه ثم أهلكه، قال الله عز وجل: {وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} [الحج:18]. وسيتبع القذافي قذاذفة كثر، قال الله عز وجل: {مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ} [هود:83].
لقد ظل القذافي يظلم ويجرم ويلحد لفترة تزيد على أربعين سنة، والله عز وجل يمهله بحلمه ولكنه كغيره من الطغاة يغترون بحلم الله عليهم وإمهاله لهم، ويعمون عن سنة الله عز وجل في الطغاة أو يعميهم الله عز وجل عن النظر في سنن الغابرين حتى تكون عاقبتهم كعاقبة أسلافهم.
إن من مكر الله عز وجل بالكفار والطغاة والجبابرة أنه يمدهم بالخيرات ويملي لهم ليزدادوا إثما وفجورا, ويستحقوا عقوبة الله بجداره -إن لم يتوبوا- قال الله عز وجل: {أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ * نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لا يَشْعُرُونَ} [المؤمنون:55-56]. وقال الله عز وجل: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ} [آل عمران: 178]. وقال الله عز وجل: {فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ * وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ} [القلم: 44-45]. والآيات في هذا المعنى كثيرة.
لكن الله عز وجل كما يقال في المثل: “يمهل ولا يهمل” فإذا جاء أمر الله تعالى بالعذاب على الظالمين أخذهم أخذ عزيز مقتدر ولم يفلتهم، وفي الحديث عَنْ أَبِى مُوسَى رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ يُمْلِى لِلظَّالِمِ فَإِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ. ثُمَّ قَرَأَ: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِىَ ظَالِمَةٌ}» [رواه ابن ماجه].