موقف الغلاة من العلماء
موقف الغلاة من العلماء
الغلو في دين الله داء مهلك ، يهلك أصحابه ويهلك الأمة التي تصاب به ، لهذا حذر الله عز وجل من الغلو في الدين فقال : ( لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ ) وحذر منه رسول الهداية محمد r فقال : ( وإياكم والغلو في الدين فإنما أهلك الذين من كان قبلكم الغلو )
إن الغلاة قوم مثاليون مع قلت علم وضعف تفكير ، فهموا الدين وفق تصورهم الخاص ثم أرادوا حمل الناس على هذا التصور . هذا في الغلاة الذين عندهم صدق في التدين أما الغلاة الزنادقة فهؤلاء جنس آخر لا نتحدث عنهم الآن .
فالغلاة من أهل الصدق الذين لا يتهمون بنفاق . قد يكونون من أهل العبادة ، بل هم غالبا كذلك كما هو شأن الخوارج لكنهم بقلة علمهم وضعف تفكيرهم شادّوا الدين وغلوا فيه ، ومن أول ما يفكر به الغلاة وغيرهم من أهل البدع هو إزالة العلماء المخالفين لهم أو الحط من قدرهم على أقل الأحوال ، وقد قتل الخوارج علي ابن أبي طالب t تقربا إلى الله بزعمهم . واليوم يتهم الغلاة علماء الأمة بأنهم علماء سوء وعلماء سلطة وعملاء ومنافقين ، حتى سمعنا من سبهم بعبد الله بن أبي وليت شعري متى سيصحوا بعض الشباب المغترين بهؤلاء ؟ هل سيبقون في اغترارهم بهؤلاء حتى تقع الفاس في الرأس وحتى يبدأ الذبح والنحر للعلماء من الذين اتهموهم بالنفاق والعمالة ؟
إن العلماء يا فتية الإسلام انطلقوا في حكمهم بإسلام حكام المسلمين من الأصل في حكم هؤلاء الحكام وهو أنهم ولدوا من أبوين مسلمين ومن ولد من أبوين مسلمين فالأصل أنه مسلم ، ثم من يحكم بارتداد هؤلاء الحكام عن دينهم فإنما يعين أنهم قد تركوا ما كانوا عليه ، وكونهم ولدوا مسلمين يقيد وليس فيه شك البتة ، وأما كونهم ارتدوا عن الإسلام فهذا ما ينازع فيه العلماء ويقولون لم يحصل عندنا اليقين بما يوجب ردتهم فنبقى على الأصل وهو الحكم بإسلامهم واليقين لا يزيله إلا يقين مثله . ولو تنازلنا مع الغلاة فإننا نقول لهم : هؤلاء على أقل الأحوال علماء اجتهدوا وتمسكوا بالأصل لعدم حدوث الناقل عنه المتيقن ، فلا أقل أن يقال من أن يقال : اجتهدوا فبقوا على حكم الأصل ولو وافوا يوم القيامة لقالوا : يا رب هؤلاء الحكام ولدوا مسلمين فحكمنا بإسلامهم بيقين ولم يحصل عندنا يقين بارتدادهم . فهل يقال عن هؤلاء ( عملاء ومنافقين ) ؟
وأما مسألة ( من لم يكفر الكافر فهو كافر ) فهذا في الكافر الأصلي ونحوه ، وأما في الاختلاف في ثبوت ردة المسلم فلا ، وإلا فهذا معناه أنه لا مجال للاجتهاد واختلاف وجهات النظر في تنزيل الحكم على المسلم . وهذا باطل . وليسوا ملزمين باجتهاد غيرهم .
هذا كأن على سبيل المثال التنزل وإلا فالحق مع العلماء وهؤلاء الغلاة ليسوا بأكفاء للعلماء فمن يعقل شبابنا ؟ ومتى سيعلنون براءتهم من الغلو ؟ اللهم اهذ شباب المسلمين إلى سبيل الرشاد ، وجنبهم مزالق الطريق ، وشرك الغلو . اللهم آمين