تفسير سورة الناس
بسم الله الرحمن الرحيم
(قل) أيها العبد ( أعوذ) ألتجئ وأحتمي ( برب) بسيد ومالك ( الناس) كل الناس ( ملك الناس) الذي يتصرف فيهم ويدبر أمرهم ( إله الناس) معبود الناس الذي لا يستحق العبادة سواه ( من شر ) متعلق ب( أعوذ) أي : ألتجئ وأحتمي بالله الذي هو رب الناس وملكهم وإلههم حتى يحفظني ويحميني من شر وضرر ( الوسواس الخناس) هذان وصفان للشيطان لا يخلو دائما من واحد منهما( الوسواس) الذي يكثر الوسوسة وهي الحديث الخفي بالشر والفتن الذي يقذفه في نفوس الخلق، وهذه الوسوسة التي فيها تزيين الباطل وتسهيله وفيها تثقيل الحق هي سبب أكثر الشرور في الدنيا ، فيستعيذ العبد ويطلب الحماية من ربه وملكه وإله من هذا الشر العظيم ، والوصف الثاني للشيطان هو ( الخناس) أي كثير الاختفاء والهروب، وهذا الوصف يتصف به الشيطان إذا ذكر الله عز وجل وإذا استعيذ بالله منه ، فهذا حاله دائما بين وسوسه إذا غفل العبد عن ذكر الله ، واختناس واختفاء إذا ذكر الله عز وجل، وهذا يدل على هوان أمره وضعف كيده، فليس معه إلا الوسوسه ، ويستطيع العبد التخلص منها والنجاة من شرها بالذكر لله عز وجل والاستعاذة به فكيف ينصرف العبيد عن هذه الوسيلة السهلة.
ثم بيّن الله عز وجل ووضح وسوة الشيطان بقوله :( الذي يوسوس في صدور الناس) أي يقذف الخواطر الخفية الداعية للشر في قلوب الناس مباشرة حتى يظن العبد أنها منه وإنما هو حديث الشيطان ، فإذا عرف العبد أن هذه الخواطر بترك الطاعة والكسل فيها وبفعل المعصية ليست منه وإنما هي من عدوه تحذر منها واجتنبها، والمراد بالناس هنا الذين يوسوس الشيطان في صدورهم ليسوا البشر فقط ؛ بل عموم المؤمنين من البشر والجن ولهذا وضحهم وبينهم في آخر آية بقوله ( من الجنة والناس) فغاية الشيطان ليست إغواء البشر فقط ؛ بل إغواء كل مؤمن من الجن والإنس.
فالحذر الحذر من وساوس الشيطان وخطراته، والله الله في الدعاء والاستعاذة بالله عز وجل.
أبو مجاهد
صالح بن محمد باكرمان