كلمة حول مظاهرات الثانوية

كلمة حول مظاهرات الثانوية

لقد كانت مظاهرات طلاب الثانوية في الأيام الماضية حدثا بارزاً في حضرموت، وما ولدت تلك المظاهرات إلا من رحم المعاناة التي يعاني منها الطلاب، ومن جراء الفساد المستطير الواقع في إدارة التربية الذي يسمع به الطلاب ويشمون رائحته النتنة، ويلمسون آثاره.

وإن الذي زاد الطين بلّة أن إدارة التربية والتعليم لم تستمع لمطالب الطلاب المعقولة التي كان بالإمكان تحقيقها، ولكنه الاستخفاف بمطالب الناس، وعدم المسارعة إلى معالجة المشكلات، مما جعل الأمور تتفاقم والمشكلة تستفحل، والحقيقة أن المريض طريح الفراش لا يمكنه أن يعالج غيره.

غير أن جميع العلماء والعقلاء أنكروا تلك الأحداث، لا من حيث التظاهر والمطالبة بالحقوق المشروعة، ولكن من حيث الأسلوب الذي سارت به المظاهرات، ووقوع الطلاب في مخالفات لا يجيزها شرع ولا عرف، ومن تلك المخالفات:

ظهور شتم الدين والرب من قبل بعض الطلاب، وهذا كفر بواح، وماذا ينتظر من مثل هذا من خير، علماً بأن هذا ثبت بيقين، ولا شك أن جمهور الطلاب لا يرضون بهذا، ولكن ليكونوا على علم أن المظاهرات غير المنضبطة لا تصلح ولا تأتي بخير.

الاعتداء على طلاب المدارس الخاصة وإخراجهم رغماً عنهم، وكان المفترض أن تترك للناس حرياتهم، فمن أراد أن يخرج برضاه فليخرج ومن أبى الخروج فهو حر، وهذا هو مقتضى حق حرية الإرادة، وأما إخراج الناس رغماً عنهم فإنما هي طريقة الحكام الطغاة المتجبرين، وهل يليق بنا ونحن نطلب الحرية أن نطلبها بسلب حرية الآخرين؟! إن دور الطلاب هو أن يتحاوروا مع زملائهم مباشرة أو عبر الفيس بوك ليقنعوهم بمطالبهم، لا بجرجرتهم بهذا الأسلوب الهمجي الذي أساء لأصحابه ولكل البلاد.

الاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة وتكسير أبواب المدارس وغيرها من الأشياء، قال الله عز وجل واصفا المنافق: {وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ} [البقرة:205] فالله عز وجل لا يحب الفساد على أي وجه كان وتحت أي مبرر.

التطاول على المعلمين الذين يعلمون الأجيال ويوقفون حياتهم من أجل بناء شباب الأمة، وهذا لا يجوز بحال من الأحوال حتى لو كان المعلم سيئا في نفسه، وكان واجب الطلاب أن يقنعوا من تيسر من المعلمين ليكونوا معهم في المطالبة بحقوقهم المشروعة.

اختلاط الأمر واختلاف المطالب وتناقض الشعارات مما لا يبقي للمظاهرات أي جدوى.

كون المظاهرات وقعت في وقت الدراسة مما جعل الطلاب المتسيبين يتصدرون المظاهرات ليكون لهم ما يريدون من تعطيل الدراسة. وكان الواجب أن يكون اعتصامهم داخل مدارسهم وفي وقت محدد لا يعطل عليهم دراستهم. ومن عنده مطالبات أخرى فلا بأس بذلك، ولكن تكون التظاهرة في غير وقت الدوام الدراسي.. (إلا إذا صارت المظاهرة للبلاد بأسرها فلا يتخلف عنهم الطلاب، ولو في وقت الدراسة عند الحاجة إليهم لا مطلقا).

وعلى كل حال فإن ما وقع فيه طلابنا من مخالفات -ما عدا سب الرب جل جلاله- هو ناتج عن قصور وعيهم لصغرهم، ولا شك أن هناك من يستفيد من وقوعهم في الأخطاء ليقول للناس هذه هي المظاهرات وهذه هي صورتها.

وفي الأخير أقول لأبنائي: إنه لا حجر عليكم في أن تعبروا عما في أنفسكم، وأن تطالبوا بمطالبكم المشروعة، ولكن اضبطوا أنفسكم ورتبوا أموركم وراجعوا العقلاء من آبائكم ومعلميكم وتواصلوا مع علمائكم، واحذروا من أن تكونوا وسيلة للعبة لا تفهمونها، والله يوفقنا وإياكم إلى ما يحبه ويرضاه

زر الذهاب إلى الأعلى