رسالة من حضرموت
رسالة من حضرموت
هذه رسالة من حضرموت نبعث بها إلى كافة القوى والاتجاهات المؤثرة في القضية اليمنية في الداخل والخارج، أساسها الأخوة، ولباسها الشفافية، وغايتها السلم.
رسالة من حضرموت نبعث بها إلى ثورة الشباب السلمية، وإلى كل حراك سلمي إلى هدف مشروع نقول فيها: إننا نؤكد حق الشباب وحق الشعب في التظاهر السلمي والاعتصامات السلمية أمراً بالمعروف و نهياً عن المنكر، وإنه لا يجوز لأحد كائناً من كان أن يمنع الناس مما هو حق لهم، أو أن يسلبهم حريتهم في التعبير عما في أنفسهم تعبيرا سلميا وفق الضوابط الشرعية والقواعد المرعية، قال الله عز وجل: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ} [آل عمران:110].
رسالة من حضرموت نبعث بها إلى كافة القوى القادرة على إدارة الصراع في اليمن أن جنبوا اليمن التصعيد والحرب، وأخص حضرموت؛ فإن أهل حضرموت قوم أهل سلم، وليست لديهم قوة تصارع ولا شوكة تردع. ولسنا نريد لإخواننا وأهلينا في بقية مناطق اليمن أن تأكل الحرب أخضرهم ويابسهم.
ولكنا نقول: إن التصعيد والمواجهة والقتل بلاء نزل ببعض البلاد والعباد؛ فمن نزل به شيء من هذا البلاء فواجبه الصبر، ولكنه لا يجوز شرعا ولا يقبل عقلا أن نوسع دائرة البلاء بأنفسنا، ولا أن نتمنى لقاء من يعادينا، ولكن إذا نزل البلاء صبرنا، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر أمته أن تتعوذ من جهد البلاء؛ ففي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ جَهْدِ الْبَلاَءِ، وَدَرَكِ الشَّقَاءِ، وَسُوءِ الْقَضَاءِ، وَشَمَاتَةِ الأَعْدَاءِ» [رواه البخاري ومسلم]. وعن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ! لاَ تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ، وَسَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا». [رواه البخاري ومسلم]. ونحن نسأل الله العافية، ونتمناها لكل مسلم.
رسالة من حضرموت نبعث بها إلى الذين يريدون المدنية والنظام نقول لهم فيها: إن أهل حضرموت هم أهل التمدن والنظام فدعوهم، وإلى الذين يطلبون الحرية والعدالة نقول لهم فيها: إن أهل حضرموت هم أول من يطلب العدالة والحرية فلا تزعجوهم، وإلى الذين يريدون نصرة الشريعة نقول لهم فيها: إن أهل حضرموت هم أنصار الشريعة فلا تقلقوهم.
رسالة من حضرموت نبعث بها إلى المرتزقة الذين يقطعون الطريق ويخيفون السبيل، وينهبون الأموال العامة والخاصة نقول لهم فيها: إن أهل حضرموت قد حزموا أمرهم، وجمعوا كلمتهم على الدفاع عن أنفسهم وأعراضهم وأموالهم، فشكَّلوا اللجان الشعبية، وأقاموا الحراسات الليلية، وهم لها في تجديد؛ دفعا للصائل، وردا للمعتدي، انطلاقا من قول الله عز وجل: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} [البقرة:194]، وانطلاقا من قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «من قتل دون ماله فهو شهيد» [رواه البخاري ومسلم].
رسالة من حضرموت نبعث بها إلى الدول الإسلامية، والممالك العربية، نذكرهم فيها بالواجب الملقى على عواتقهم تجاه إخوانهم في اليمن؛ فإن مقتضى الأخوة الإسلامية، والعلائق النسبية والدينية توجب تدخل هذه الدول – لاسيما دول الجوار – لا فيما لا علاقة لهم به من الأمور، ولكن بما أوجبه الله عز وجل على المسلمين من التدخل بين القوى المختلفة والطوائف المتنازعة بدعوتها إلى الصلح الذي يحكّم فيه الشرع، ويقام به العدل، كما أمر الله عز وجل بذلك في قوله: {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ } [الحجرات:9]. فهذا هو أمر الله عز وجل للمسلمين أن يتدخلوا للصلح بين الطوائف المتنازعة بما فيه الفئة إلى حكم الله عز وجل، وتحقيق العدل وإزالة الظلم، والوقوف مع المظلوم في وجه الظالم، وهذا هو واجب الدول الإسلامية قد حدده القرآن، وبيّنه أيما تبيان، فمن حاد عنه فقد حاد عن حكم الله، ومال إلى ما تحبه نفسه وتهواه، ونربأ بهم أن يكونوا كذلك.
رسالة من حضرموت ختامها مسك، وهو قول الله عز وجل: {يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاء وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ} [البقرة:269].