الوسطية

الوسطية

لقد ميز الله عز وجل أمة محمد صلى الله عليه وسلم بميزة الوسطية، قال عز وجل: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة:143].

والوسطية تعني العدل والخيار فالوسطية عدل بين طرفين وخيار بين جانبين ووسط بين الجفاة والغلاة وأهل الإفراط والتفريط، فقد كان اليهود جفاة في الأغلب وأمة النصارى غلاة في الأغلب، فجاء الله عز وجل بمحمد صلى الله عليه وسلم وبعثه بالحنيفية السمحة والوسطية العدلة التي لا غلو فيها ولا جفاء، وكل من اتبع محمداً صلى الله عليه وسلم فله نصيب من الوسطية، غير أن الوسطية التامة إنما هي لمحمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

وأهل الوسطية التامة أهل السنة والجماعة هم وسط بين الطوائف الإسلامية كما أن الإسلام وسط بين سائر الأديان.

وقد كثر الحديث عن الوسطية في الآونة الأخيرة وادعاها كل أحد فادعاها غلاة التكفير الذين كفروا المسلمين وأعملوا فيهم أسلحتهم، وادعاها العقلانيون الذين قدموا عقولهم على الكتاب والسنة، ولوّوا أعناق النصوص لتتوافق مع أفكارهم، وادعاها الصوفية الذين يغلون في الأموات ويدعونهم من دون الله، ويربون أتباعهم ومريديهم على الخرافة والبدعة، وادعاها العلمانيون الذين جفوا الدين وفصلوه عن الحياة. وكل يدعي وصلا بليلى.

والحقيقة هي أن الوسطية هي السنة والإسلام المحض الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، فكل ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم فهو وسط والتمسك به هو الوسطية، فليس الجفاة الذين جفوا الدين وتركوا تحكيم الشريعة من الوسطية في شيء، وليس الغلاة الذين أعادوا شرك الجاهلية غضاً طرياً من الوسطية في شيء، وليس العقلانيون ولا دعاة التقريب مع الشيعة ولا غلاة التكفير من الوسطية في شيء، إنما الوسطية لمن كان على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، للمتمسكين بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم وصحبه الكريم، جعلنا الله وإياكم منهم.

زر الذهاب إلى الأعلى