إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته
إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته
هكذا واجه الرسول صلى الله عليه وسلم الإشاعة التي راجت في المدينة يوم أن انكسفت الشمس وتوافق كسوفها مع موت إبراهيم ابن الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد كانوا في الجاهلية يعتقدون أنها تنكسف لموت عظيم أو ولادة عظيم، ولو كان غير رسول الله عليه وسلم من العظماء الذين يطلبون العظمة وإضفاء الرسالة على أنفسهم لتنتفخ أمام الجماهير لاستغل الفرصة وأبان عن عظيم قدره وقدر ذريته حتى أن الشمس لتنكسف لموت الواحد منهم، لكنه رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أرسى أسس المعرفة القائمة على النظر السليم والعقل السليم، بيَّن أن الشمس والقمر آيتان من آيات الله أنها دلائل باهرة وبراهين قاطعة على الخالق جلَّ جلالة وعلى عظيم صفاته وعلى ما يشاء جلَّ جلاله مما اقتضته حكمته البالغة، وأنهما لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته فلا علاقة تربط بين هذه الحادثة السماوية وحوادث الأرض.
وأمر النبي صلى الله عليه وسلم حين الخسوف أو الكسوف بالهروع للصلاة فقال: «فإذا رأيتم ذلك فاهرعوا إلى الصلاة» وأخبر أنها آيات «يخوف الله بها عباده» فكان في ذلك أوضح دليل على أن الخسوف والكسوف آيتان يحدثهما الله عز وجل عندما تنتشر المعصية وتكثر المخالفة للشرع فيخوف الله بهما عباده ويذكرهم بأحداث القيامة الكبرى فيحسن من العباد الصلاة والذكر والصدقة كما هو مشروع في ديننا الحنيف، غير أن بعض أبناء المسلمين ربما حدثت له شبهة وتساءل: (إن الخسوف والكسوف ظواهر تحدث وفق أسباب معلومة في علم الفلك يعرفها الكبير والصغير في هذا الزمان؛ فكيف تكون علامات على كثرة المعصية وانتشار الفساد)؟ وقد غاب عن هؤلاء أن الرب سبحانه وتعالى هو العليم الحكيم فقد علم الله عز وجل الأوقات والأزمان التي يحتاج فيها العباد إلى التخويف فجعل لذلك قانون في كونه محكوماً بأسباب ظاهرة ولكن ذلك لا يتنافى مع حكمة الله البالغة وعلمه الواسع سبحانه وبهذا يزول الإشكال ويبقى شرعنا الحنيف متسق مع العلم وقانون الخلق ولا غرو فمنزِّل الشريعة هو خالق الكون فتناسب شرعه مع خلقه.