خطبة نعمة السنة -مفرغة-
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم أما بعد: فإن أصدق الكلام كلام الله وخير الهدي هدي نبينا محمد وشر الامور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار(يا أيها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون)(يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا)(يا أيها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا *يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما)
أيها المسلمون عباد الله إن نعم الله علينا لا تعد ولا تحصى ،لا تعد ولا تحصى ومننه الكثيرة أكثر وأشهر من أن تذكر غير أن أعظم نعمة أنعم الله عزوجل بها علينا وأعظم منة أسداها إلينا هي الهداية إلى الإسلام والسنة أن هدانا الله سبحانه وتعالى فجعلنا مسلمين وهدانا فجعلنا متبعين لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسائرين على طريقته وطريقة أصحابه الغر الميامين الكرام البررة هذه أعظم نعمة وأكرم بها من نعمة ، نعمة استحقت بأن يمن الله بها علينا أمتن الله علينا بهذه النعمة في يوم تمامها فقال سبحانه وتعالى :أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا )امتن الله عز وجل علينا بهذه النعمة العظيمة نعمة الإسلام ، والإسلام الذي يتحدث الله عنه هنا الذي يخبر أنه أكمله وأنه أتم به علينا النعمة إنما هو الإسلام المحض الإسلام الصافي المصفى الذي جاء به محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم قبل حدوث الحادثات ووقوع البدع المضلات الإسلام الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من عند ربه الإسلام الذي تضمنه القرآن وتضمنته السنة المطهرة قبل إحداث الحوادث وابتداع البدع ووقوع الضلالات الإسلام المحض ، ثم وقع الافتراق والاختلاف في الأمة خرجت فرق عن الإسلام المحض ممن ينسب وينتسب إلى هذا الدين وإلى أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم غير أنهم تنكبوا الطريق خالفوا واختلفوا وفارقوا وافترقوا والاختلاف والافتراق حقيقة ثابتة دل عليها القرآن ودلت عليها السنة المطهرة ودل عليها الواقع قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز:( ولا يزالون مختلفين *إلا من رحم ربك ..)إنه ابتلاء الله للخلق بحدوث الاختلاف والافتراق لينظر الله سبحانه وتعالى من يتمسك بالحق ومن يتنكب الطريق من يثبت على هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم ومن يذهب ذات اليمين أو ذات الشمال (ولا يزالون مختلفين* إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم ) وقال سبحانه وتعالى وهو يخبر عن هذه الأمة أنها ستقع في ما وقعت فيه الأمم السابقة من الوقوع في الشبهات والشهوات قال سبحانه وتعالى :( فاستمتعتم بخلاقكم كما استمتع الذين من قبلكم بخلاقهم وخضتم كالذي خاضوا ) هذه نصوص القرآن رب العزة والجلال يخبر مخاطبا هذه الأمة أنها ستستمتع بخلاقها وبحظها من الدنيا وأنها ستقع في الشهوات كما وقع الذين من قبلنا وأنها ستخوض خوضا كالذي خاصة الذين من قبلنا بالأفكار الباطلة والضلالات المنحرفة (فاستمتعتم بخلاقكم كما استمتع الذين من قبلكم بخلاقهم وخضتم كالذي خاضوا ) ويوضح النبي صلوات ربي وسلامه عليه هذه الصورة في الحديث توضيحا بينا فيقول صلوات ربي وسلامه عليه :(لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه ، قالوا: اليهود والنصارى قال : فمن ؟) من الذين ستتبعونهم إلا اليهود والنصارى والحديث في البخاري ومسلم ، فأخبر الهادي صلوات ربي وسلامه عليه أنه هذه الأمة ستتبع من كان قبلها من الأمم حذو القذة بالقذة وريشة السهم بالريشة مساواة تامة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه وفي رواية ( حتى لو أن أحدهم أتى أمه علانيه ) يعني زنى بأمه علانية (لكان في أمتي) من يفعل ذلك أو من يصنع ذلك عياذا بالله؟
وقد افترقت اليهود والنصارى كما أخبر الله عز وجل في كتابه فقال سبحانه وتعالى :( وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة ) وهذه الأمة تفترق كما افترقت اليهود والنصارى شبرا بشبر وذراعا بذراع وحذو القذة بالقذة وهذا ما أوضحه رسول الهدى صلى الله عليه وسلم في حديثة حيث قال صلوات ربي وسلامه عليه :( افترقت اليهود على إحدى وسبعين ملة كلها في النار إلا واحدة وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين ملة كلها في النار إلا واحدة وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين ملة كلها في النار إلا واحدة قالوا : من هم يا رسول الله ؟ قال: هم من كان ما أنا عليه اليوم وأصحابي) وفي رواية ( هم الجماعة ) وهذا الحديث صحصح رواه أهل السنن وغيرهم ، ومن هذا الحديث سمي أهل الحق وأهل الإسلام المحض وأهل الإسلام الصافي المصفى الذين هم الخط الأصيل على طريق محمد صلى الله عليه وسلم بأهل السنة والجماعة إنهم المسلمون حقا أهل السنة والجماعة هم المسلمون على الإسلام الصافي المصفى ، الإسلام المحض الذي جاء به رسول الهدى صلى الله عليه وسلم وإنما سموا بأهل السنة والجماعة تمييزا لهم عن بقية المسلمين الذين لايزالون ينتسبون إلى الدين وإن كانوا مفارقين له مخالفين لهدي رسوله صلى الله عليه وسلم فسموا أهل السنة والجماعة
وهكذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم مبينا صفة هؤلاء مبينا حدوث الافتراق وحاثا على التمسك بالسنة في حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه قال:( فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا) هذا هو الواقع وما هو المخرج؟ قال صلى الله عليه وسلم :( فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ) رواه أصحاب السنن
فطريق الحق