هلا جربتم الاعتكاف

هلا جربتم الاعتكاف

كل ما لا يعرفه الإنسان معرفة معايشة فإنه لا يمكنه تصوره على الحقيقة ، ومن ذلك عبادة الاعتكاف تلك العبادة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم وهو رسول الله الذي يحمل على عاتقه مسئولية حمل الرسالة وهو قائد هذه الأمة الذي يحمل في قلبه هم الأمة ، وهو مربي الأجيال ومعلم البشرية الذي تتزاحم عليه الأعمال والمهام الجسام ومع ذلك كله كان إذا جاءت العشر الأواخر من رمضان يفرغ نفسه وقلبه ليعيش في ظلال هذه العبادة .
إنه لأمر جدير بالتأمل ! رسول الله صلى الله عليه وسلم يترك الدعوة العامة ويدع جهاد الطلب ، ليجلس في زاوية المسجد عشرة أيام بلياليها ؟ ما كان رسول الله ليفعل هذا إلا لأهمية هذه العبادة وأثرها على النفس .
إن أهمية الاعتكاف تكمن في غايته ، والغاية من الاعتكاف هي الصلة بالله عز وجل والخلوة معه والأنس به ومناجاته وبث الهموم له ورفع الشكوى إليه وطلب الرشد منه .

إن النفس الإنسانية يملأها مزيج من المشاعر والأحاسيس ومزيج من تأثر هذه المشاعر والأحاسيس يما يعترضها في هذه الحياة المزحومة ، وفي حاجة ماسة إلى بث ما انطوت عليه ورفع الشكوى إلى من يخفف عنها عناءها لتجد بعد ذلك التنفيس حلا لمشكلاتها ودفعا لتعقيداتها ولا أحد من الخلق مهما كانت منزلته بيده ذلك كله ، فالوالد الرؤوف والمربي العطوف والصديق المخلص حسب كل واحد من هؤلاء أن يواسي أو يسلي أو نحو ذلك . لكن سلوة الفؤاد وبلسم القلب المكلوم ومرهم جرح النفس إنما هو في الخلوة مع الله ورفع الشكوى له والأنس به فهو جل جلاله الرؤوف الودود ، فهلاّ جربتم الاعتكاف .

زر الذهاب إلى الأعلى