صلاة رأس السنة
فوجئت بسؤال أرسله لي بعض الشباب الغيور على دينه يسأل فيه عن صلاة رأس السنة الميلادية وحكمها وعن حكم نشر الرسائل التي تحث عليها . وأرفق سؤاله برسالة تدعو إلى مخالفة ما عليه أهل الفسق والجهل في يوم رأس السنة وذلك بالصلاة في آخر الدقائق من سنة 2014 م قبل الساعة الثانية العشرة من آخر أيام ديسمبر حتى تختم السنة بصلاة ، وأن يصلي المسلم بعد الساعة الثانية عشرة من تلك الليلة في أول الدقائق من سنة 2015 م حتى تختم له السنة بصلاة . هذه هي فكرة صلاة رأس السنة ، وأعلق عليها بالكلمات الآتية :
– لا شك أن صاحب الفكرة أراد خيرا بشغل الناس بالعبادة بدلا عن المعصية ، ولكن ” كم من مريد للخير لم يدركه ” كما قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه .
– إنما بعث الله الرسل ليدلوا الناس على الله عز وجل وعلى الطريقة التي يرضاها لعبادته ، وما خلق الله عز وجل الخلق إلا لذلك ، قال الله عز وجل: (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ) [سورة الملك : 2]. فالمطلوب هو حسن العمل لا كثرته وحسنه بأن يكون مخلصا لله وحده ، صوابا وفق شرعه .
– كل إحداث في العبادة المحضة والقربة المحضة كالصلاة والصوم والحج والعمرة يعد بدعة في الدين ؛ لأن التحليل والتحريم وتشريع الدين والعبادة حق محض لله عز وجل قال الله عز وجل: (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ ۚ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ ۗ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [سورة الشورى : 21]. فعدهم الله عز وجل شركاء معه بالباطل ؛ لأنهم شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن الله عز وجل .
– وتشريع الدين والعبادة بالباطل وذلك من قبل الخلق قد لا يكون بابتداع عبادة جديدة ، وإنما يكون غالبا بالتخصيص فيها باختيار كيفية معينة لها أو وقت معين أو عدد معين ، والاختيار والتفضيل والتخصيص في العبادة حق محض لله عز وجل قال الله عز وجل: (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ ۗ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ ۚ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ) [سورة القصص : 68].
– ولهذا عد النبي صلى الله عليه وآله وسلم كل إحداث في الدين بدعة ، فعن عائشة رضي الله عنها قالت ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وآله ﻭﺳﻠﻢ: «ﻣﻦ ﺃﺣﺪﺙ ﻓﻲ ﺃﻣﺮﻧﺎ ﻫﺬا ﻣﺎ ﻟﻴﺲ ﻓﻴﻪ، ﻓﻬﻮ ﺭﺩ» رواه البخاري ومسلم .
– قيد النبي ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وآله ﻭﺳﻠﻢ الإحداث المردود بقيد ” في أمرنا هذا ” ليخرج الإحداث في الدنيويات والعادات فإنه لا يكون بدعة بمجرد الإحداث وإنما يكون بدعة إذا جعله قربة واعتقد أنه مما يتقرب به إلى الله وصيره دينا .
– صلاة رأس السنة تخصيص وتحديد بالزمن والعدد في عبادة محضة وذلك يصيرها بدعة بمجرد الإحداث ؛ لأنها عبادة محضة .
– وإذا ثبت أنها بدعة” فهي رد ” أي مردودة على صاحبها على منشئها وفاعلها ، وليس فيها خير ، ولا يجوز فعلها ولا الإعانة على نشرها .
– لا علاقة للمسلم الصادق المتميز بدينه وعاداته بعيد الكريسماس ولا بعيد رأس السنة ، فالمسلم له أعياده المعروفة ، وكذلك لا علاقة له بالتأريخ الميلادي والسنة الميلادية بالكلية لا من جهة الشرع ولا من جهة القدر والواقع : أما الشرع فإن التوقيت الشرعي عندنا معشر المسلمين في حساب السنة بالقمر لا بالشمس . وأما من جهة القدر والواقع فإن لكل إنسان ميلاده الخاص به وسنته الخاصة به ، ورأس سنة كل إنسان بعد مضي عام من يوم ميلاده أو مضي عام من مثل يوم ميلاده .
– ورأس السنة الميلادية هي ذكرى خاصة بميلاد شخص واحد هو المسيح عيسى عليه الصلاة والسلام ، مع الحقيقة هي أن النصارى أخطأوا ميلاد المسيح واختلفوا فيه .
– واليوم عند المسلمين يبدأ بطلوع الفجر أو بطلوع الشمس لا بعد الثانية عشرة ليلا .
– لو افترض شخص جدلا أن الاحتفال برأس السنة من العادات المحضة فإنه من عادات الكفار والمسلم متميز حتى بعاداته غير تابع ولا هو دون . فلا يجوز للمسلم أن يجعل رأس السنة الميلادية له على بال ، وعلينا أن نفكر في واقعنا المر لنرتقي بأمتنا لا لنمعن في التبعية . والله الموفق لما يحبه ويرضاه .