الإسلام جاء لهداية البشر لا لإبادة البشر

والذي نذر نفسه لله لا ينتقم لنفسه . لقد لقي النبي صلى الله عليه وآله وسلم من قومه ما لقي ، وكان من أشد ذلك يوم أحد ، دخل الحديد في وجنته ، وكسرت رباعيَته ، وشج رأسه حتى سال الدم منه ، وكان أشد ما لقي من قومه على الإطلاق يوم العقبة (عقبة الطائف ) ، وقد صورت رواية رواها موسى بن عقبة في سيرته شدة ما حدث له بقوله :” فقعد له أهل الطائف صفين في طريقه فلما مر جعلوا لا يرفع رجليه ولا يضعهما إلا رضخوه بالحجارة حتى أدموه ، فخلص منهم وهما تسيلان الدماء ” . ويصور حديث عائشة رضي الله عنها أثر ذلك الأذى على نفس الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وموقفه منهم ، فعن ﻋﺎﺋﺸﺔ ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ، ﺯﻭﺝ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وآله ﻭﺳﻠﻢ، ﺃﻧﻬﺎ ﻗﺎﻟﺖ ﻟﻠﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وآله ﻭﺳﻠﻢ: ﻫﻞ ﺃﺗﻰ ﻋﻠﻴﻚ ﻳﻮﻡ ﻛﺎﻥ ﺃﺷﺪ ﻣﻦ ﻳﻮﻡ ﺃﺣﺪ؟ ﻗﺎﻝ: ” ﻟﻘﺪ ﻟﻘﻴﺖ ﻣﻦ ﻗﻮﻣﻚ ﻣﺎ ﻟﻘﻴﺖ، ﻭﻛﺎﻥ ﺃﺷﺪ ﻣﺎ ﻟﻘﻴﺖ ﻣﻨﻬﻢ ﻳﻮﻡ اﻟﻌﻘﺒﺔ، ﺇﺫ ﻋﺮﺿﺖ ﻧﻔﺴﻲ ﻋﻠﻰ اﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﻳﺎﻟﻴﻞ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﻛﻼﻝ، ﻓﻠﻢ ﻳﺠﺒﻨﻲ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﺃﺭﺩﺕ، ﻓﺎﻧﻄﻠﻘﺖ ﻭﺃﻧﺎ ﻣﻬﻤﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻬﻲ، ﻓﻠﻢ ﺃﺳﺘﻔﻖ ﺇﻻ ﻭﺃﻧﺎ ﺑﻘﺮﻥ اﻟﺜﻌﺎﻟﺐ ﻓﺮﻓﻌﺖ ﺭﺃﺳﻲ، ﻓﺈﺫا ﺃﻧﺎ ﺑﺴﺤﺎﺑﺔ ﻗﺪ ﺃﻇﻠﺘﻨﻲ، ﻓﻨﻈﺮﺕ ﻓﺈﺫا ﻓﻴﻬﺎ ﺟﺒﺮﻳﻞ، ﻓﻨﺎﺩاﻧﻲ ﻓﻘﺎﻝ: ﺇﻥ اﻟﻠﻪ ﻗﺪ ﺳﻤﻊ ﻗﻮﻝ ﻗﻮﻣﻚ ﻟﻚ، ﻭﻣﺎ ﺭﺩﻭا ﻋﻠﻴﻚ، ﻭﻗﺪ ﺑﻌﺚ ﺇﻟﻴﻚ ﻣﻠﻚ اﻟﺠﺒﺎﻝ ﻟﺘﺄﻣﺮﻩ ﺑﻤﺎ ﺷﺌﺖ ﻓﻴﻬﻢ، ﻓﻨﺎﺩاﻧﻲ ﻣﻠﻚ اﻟﺠﺒﺎﻝ ﻓﺴﻠﻢ ﻋﻠﻲ، ﺛﻢ ﻗﺎﻝ: ﻳﺎ ﻣﺤﻤﺪ، ﻓﻘﺎﻝ، ﺫﻟﻚ ﻓﻴﻤﺎ ﺷﺌﺖ، ﺇﻥ ﺷﺌﺖ ﺃﻥ ﺃﻃﺒﻖ ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻷﺧﺸﺒﻴﻦ؟ ﻓﻘﺎﻝ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وآله ﻭﺳﻠﻢ: ﺑﻞ ﺃﺭﺟﻮ ﺃﻥ ﻳﺨﺮﺝ اﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﺃﺻﻼﺑﻬﻢ ﻣﻦ ﻳﻌﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﻭﺣﺪﻩ، ﻻ ﻳﺸﺮﻙ ﺑﻪ ﺷﻴﺌﺎ “. إنهم كفرة مشركون ، وفجرة مؤذون ، ولكن نبي الرحمة صلى الله عليه وآله وسلم يقول : ( ﺑﻞ ﺃﺭﺟﻮ ﺃﻥ ﻳﺨﺮﺝ اﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﺃﺻﻼﺑﻬﻢ ﻣﻦ ﻳﻌﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﻭﺣﺪﻩ، ﻻ ﻳﺸﺮﻙ ﺑﻪ ﺷﻴﺌﺎ ). هذه هي مبادئ محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم وهذه هي أخلاقه . فأين من ينتسبون إليه من هذه المبادئ وهذه الأخلاق؟ ما بالهم يقدمون على قتل المسلمين من أجل لعاع الدنيا أو الانتقام للنفس ؟

زر الذهاب إلى الأعلى