الفرق بين اتفاق السلف وفهم السلف واجتهاد السلف
فتوى رقم ( 145 )
السؤال : ماالفرق بين (اتفاق السلف . فهم السلف . اجتهاد السلف ) من حيث المفهوم والحكم؟
الجواب : اتفاق السلف هو إجماعهم سواء كان إجماعهم على نص أو على فهم النص ، فالاتفاق هو الإجماع . وحكمه لزوم الأخذ به ؛ لقول الله تعالى : (وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا) [سورة النساء : 115].
وفهم السلف: مركب إضافي من كلمتي” فهم ” و ” السلف” فالكلمة الأولى “فهم” تدل على أن المقصود هو ما يفهمونه من النصوص لا ما ينقلونه والكلمة الثانية ” السلف ” تدل على أن المراد الفهم المنسوب إلى جميعهم، فيدخل أولا في فهم السلف ما أجمع السلف على فهمه ، وهذا داخل في اتفاق السلف، وهذا النوع لا اختلاف فيه أنه فهم السلف . وحكمه لزوم الأخذ به ؛ لأنه إجماع. و يدخل في فهم السلف أيضا ما عليه جماهيرهم مما يعد مخالفه شاذا بسبب خطأ تأويله،فالمخالف الشاذ لما عليه الجماعة بتأويل لا مستند له صحيح يخرق الإجماع ولكن لا ينبغي أن تعد مخالفته قادحة في فهم السلف ، ومثال ذلك في مسائل الأحكام ما جاء عن أبي طلحة الأنصاري أن تناول الثلج لا يفطر الصائم ؛ لأنه – زعم- ليس بطعام ولا شراب . ويدخل في فهم السلف أيضا ما قاله بعضهم وانتشر ولا مخالف له فهذا إن لم يكن اتفاقا وإجماعا فإنه فهم السلف الذي يعد حجة ، ويدخل في فهم السلف أيضا انحصار الحق في الأقوال المنقوله عنهم في تفسير النصوص التكليفية وفي أحكام المسائل التكليفية التي نزلت في زمانهم ، وهذا ما يعبر عنه الأصوليون بعدم جواز إحداث القول الثالث ، فإذا اختلف السلف على أقوال فذلك اتفاق منهم على انحصار الحق في تلك الأقوال ؛ لأنه لا يجوز أن يضيع الحق عن أهل عصر من العصور ، وأما الفهم في النصوص فيما لا تعلق له بالتكليف فهذا بابه واسع فقد يفهم المتأخر ما لا يفهمه المتقدم في ذلك ، كالنصوص المتعلقة بالظواهر الطبيعية ونحو ذلك . وكذلك ما استجد من المسائل فللمتأخرين بحث حكمها بالنظر في النصوص الشرعية وما شابه النازلة في فتاوى السلف . ولا تجوز مخالفة فهم السلف مما هو دون الإجماع لأنها تؤدي إلى الشذوذ والضلال عن الحق. وأما اجتهاد السلف فهو ما اختلفوا فيه من المسائل بالنظر إلى كل قول على حدة ، فعلى من بعدهم أن يجتهد في اختيار القول الحق من بين أقوالهم . ولكن لا يجوز تجاوز كل أقوالهم وتوليد أقواله مخترعة كم سبق بيانه ،والله أعلم.