خطبة عيد الفطر ١٤٤٦هجرية

خطبة عيد الفطر ١٤٤٦هجرية

أبو مجاهد صالح بن محمد باكرمان

الخطبة الأولى

الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبرالله أكبر الله أكبر الله أكبر الحمد لله الذي فرض علينا صيامَ رمضان، وسَنَّ لنا فيه التراويحَ وقراءةَ القرآن، وجعل ذلك طريقا للتقوى والإيمان. وأشهد ألا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريك شهادة صدقٍ ويقين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله سيدَ الأوَّلِين والآخِرين، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الغُرِّ الميامين، وسلّمَ تسليما مزيدا إلى يوم الدين. أما بعد، *أيها المسلمون*اتقوا الله حق تقواه قال الله تعالى : *{ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِۦ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسۡلِمُونَ }* [سُورَةُ آلِ عِمۡرَانَ: ١٠٢].*عباد الله* نحمد الله تعالى على تمام الصيام، والذكر والقيام، وصلة الأرحام، ونسأل الله تعالى القبول والغفران، والتقوى والإيمان ، والعملَ بالقرآن، وأن يعيد علينا رمضان أعواما عديدة، وسنين مديدة، ونحن في صحة وعافية، وأحوال صافية.

عباد الله
إننا في هذه الدنيا مختبرون ممتحنون ، ومبتلون مفتونون، وإن من أعظم الفتن التي تبتلى بها هذه الأمة فتنةَ المال ، التي تستحوذ على النساء والرجال، حكامًا ومحكومين، ورعاةً ومرعيين، قَالَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وعلى آله وَسَلَّمَ : *” إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ فِتْنَةً، وَإِنَّ فِتْنَةَ أُمَّتِي الْمَالُ “*. فاحذروا عباد الله من فتنة المال بكل صورها وأشكالها، ولا تتبعوا خطوات الشيطان بكل غوائلها وأحبالها.قال الله تعالى : *{ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّاسُ كُلُوا۟ مِمَّا فِی ٱلۡأَرۡضِ حَلَـٰلࣰا طَیِّبࣰا وَلَا تَتَّبِعُوا۟ خُطُوَ ٰ⁠تِ ٱلشَّیۡطَـٰنِۚ إِنَّهُۥ لَكُمۡ عَدُوࣱّ مُّبِینٌ }*[سُورَةُ البَقَرَةِ: ١٦٨]. وإن من خطوات الشيطان أخذ المال بالتأويل، والتساهل في المال العامّ والغُلول، واقتحام باب الشبهات ، والولوغ في الظلم والحرمات، فتخفف يا عبد الله من الحمل فإنه ثقيل، وتنزه عن الحرام فإن عاقبته الويل. قال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ : *” لَا تَزُولُ قَدَمَا ابْنِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ خَمْسٍ : عَنْ عُمُرِهِ فِيمَ أَفْنَاهُ ، وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ ، وَمَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ ، وَفِيمَ أَنْفَقَهُ ، وَمَاذَا عَمِلَ فِيمَا عَلِمَ “*.الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله الله أكبر الله أكبر ولله الحمد*عباد الله* قال الله تعالى: *{ ٱلۡمَالُ وَٱلۡبَنُونَ زِینَةُ ٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَا)* ، فالأولاد فلذات الأكباد ، وبهجة النفوس، وقرة العيون، ولكنهم أمانة في الرقاب، ومسؤولية يتبعها الثواب والعقاب ، قال الله تعالى : *{ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ قُوۤا۟ أَنفُسَكُمۡ وَأَهۡلِیكُمۡ نَارࣰا وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلۡحِجَارَةُ عَلَیۡهَا مَلَـٰۤىِٕكَةٌ غِلَاظࣱ شِدَادࣱ لَّا یَعۡصُونَ ٱللَّهَ مَاۤ أَمَرَهُمۡ وَیَفۡعَلُونَ مَا یُؤۡمَرُونَ }*[سُورَةُ التَّحۡرِيمِ: ٦].وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ” : *” كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ : الْإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا “*. وقد عظمت الفتن ، وامتدت المحن ، فعظمت المسئولية، واشتدت القضية، فالمخدرات والمخزيات في الشوارع والحارات، والمنكرات والملهيات في القنوات والجوالات، فاحفظوا أولادكم أيها الآباء والأمهات من مزالق الشبهات، ومهاوي الشهوات، ومتابعة التفاهات، وتقليد الإمَّعات، وتابعوهم ولا تهملوهم، وصاحبوهم ولا تضيعوهم، فإن في إهمالهم الحسرة والندامة، وفي تضييعهم النار ولا كرامة . قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : *” كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ “* . الله أكبر الله أكبر الله أكبرلا إله إلا الله الله أكبر الله أكبرولله الحمد*أيها المسلمون* تأتي العيد هذا العام وقد تحررت دمشق وعادت إلى حضنها السني، وتخلصت بيروت من خناقها الشيعي، وأخرجت الخرطوم خاطفها الرجعي ، وقد آن الأوان لتحرير صنعاء اليمن، وإعانة المتحررين في مأرب و عدن، والمساهمةِ في نهضة حضرموت وتجنيبها الفتن، ولن يكون ذلك إلا بصدق المقاصد، وترك المفاسد، وشدة الهمة، واجتماع الكلمة، قال الله تعالى: *{ طَاعَةࣱ وَقَوۡلࣱ مَّعۡرُوفࣱۚ فَإِذَا عَزَمَ ٱلۡأَمۡرُ فَلَوۡ صَدَقُوا۟ ٱللَّهَ لَكَانَ خَیۡرࣰا لَّهُمۡ }*[سُورَةُ مُحَمَّدٍ: ٢١]. إن حضرموت – أيها العقلاء – هي بلد السلام والإسلام ، والأمن والإيمان، وأهل حضرموت هم أهل السلام وحملة الإسلام، فجنبوا أيها الساسة والعسكريون حضرموت الصراع، واحذروا كل الحذر يا أبناء حضرموت من الاندفاع ، حلوا مشاكلكم بالحوار والتواضع، واحرصوا على جمع الكلمة وترك التنازع، قال الله تعالى : *{ وَأَطِیعُوا۟ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَلَا تَنَـٰزَعُوا۟ فَتَفۡشَلُوا۟ وَتَذۡهَبَ رِیحُكُمۡۖ وَٱصۡبِرُوۤا۟ۚ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّـٰبِرِینَ }*[سُورَةُ الأَنفَالِ: ٤٦]. أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية

الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد .

أيها المسلمون

إن غزة اليوم هي جرح المسلمين النازف، وعينهم الدامعة، وخطبهم العظيم، ومصابهم الجلل، وإن نصرة غزة لمسئوليةٌ على المسلمين كلهم في أرجاء المعمورة كلها ، قال الله تعالى : *{ وَإِنِ ٱسۡتَنصَرُوكُمۡ فِی ٱلدِّینِ فَعَلَیۡكُمُ ٱلنَّصۡرُ }*[سُورَةُ الأَنفَالِ: ٧٢]، فانصروهم عباد الله ينصركم الله، ولا تخذلوهم فيخذلكم الله، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : *” مَا مِنَ امْرِئٍ يَخْذُلُ امْرَأً مُسْلِمًا فِي مَوْضِعٍ تُنْتَهَكُ فِيهِ حُرْمَتُهُ وَيُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ إِلَّا خَذَلَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ ، وَمَا مِنَ امْرِئٍ يَنْصُرُ مُسْلِمًا فِي مَوْضِعٍ يُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ وَيُنْتَهَكُ فِيهِ مِنْ حُرْمَتِهِ إِلَّا نَصَرَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ نُصْرَتَهُ “*. فاتقوا الله أيها الأتقياء، ولا تقصروا في نصرة غزة ولو بالصدقة والدعاء، ولا تحيدوا عن مبدأ الولاء والبراء، فإن الحرب ظاهرة بين الإسلام والكفر ، والتوحيد والشرك، والمقاومة والعدوان، والإيمان والطغيان، قال الله تعالى : *{ ۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ (٥١) فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ (٥٢) }*[سُورَةُ المَائـِدَةِ: ٥١-٥٢].الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله الله أكبر الله أكبرولله الحمد *عباد الله* لقد تربينا في مدرسة رمضان على الصبر والصيام، والصلاة والقيام، والتوبة والنقاء، والذكر والدعاء، والبر والإحسان، والتقوى والإيمان، ولا يليق بعاقل نقض ما بنى، ولا نكث ما أبرم، فداوموا عباد الله على الخير فإن أحب العمل إلى الله تعالى ما كان ديمة، واستقيموا على الطاعة فإن الاستقامة على الطاعة صفة كريمة، قال الله تعالى : *{ إِنَّ ٱلَّذِینَ قَالُوا۟ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسۡتَقَـٰمُوا۟ تَتَنَزَّلُ عَلَیۡهِمُ ٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةُ أَلَّا تَخَافُوا۟ وَلَا تَحۡزَنُوا۟ وَأَبۡشِرُوا۟ بِٱلۡجَنَّةِ ٱلَّتِی كُنتُمۡ تُوعَدُونَ (٣٠) نَحۡنُ أَوۡلِیَاۤؤُكُمۡ فِی ٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَا وَفِی ٱلۡـَٔاخِرَةِۖ وَلَكُمۡ فِیهَا مَا تَشۡتَهِیۤ أَنفُسُكُمۡ وَلَكُمۡ فِیهَا مَا تَدَّعُونَ (٣١) نُزُلࣰا مِّنۡ غَفُورࣲ رَّحِیمࣲ (٣٢) }** [سُورَةُ فُصِّلَتۡ: ٣٠-٣٢].

الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله الله أكبر الله أكبر ولله الحمد

أيتها المرأة المسلمة أنت درة الإسلام، وحِصن الإيمان، ومنبت الإحسان، فكوني على العهد، عابدة لربك، مطيعة لزوجك، قارَّة في بيتك، قائمة بدورك مربيةً للأجيال ، ومخرِّجةً للرجال، واحذريهم أن يخدعوك بحسنك، أو يغرُّوك بالثناء عليك، قال الشاعر: خدعوها بقولهم حسناء والغواني يغرهن الثناءعفتك كنزك، وحياؤك حصانك، وحجابك ضمانك ، وأنت الموقرةُ أُمًّا ، والمكرمةُ زوجةً ، والمعززةُ بنتا، والمحترمةُ أختا، وخاب وخسر من لم يعرف لك حقا، أو لم يحمل لك تقديرا. والشكر لَكُنَّ على ما تقدِمْنَهُ في رمضان وفي غير رمضان، ولله درُّكن في كل زمان ومكان.
الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله الله أكبر الله أكبر ولله الحمد *عباد الله* اتبعوا رمضان بصوم ست من شوال، وجنبوا عيدكم ما يغضب الكبير المتعال، وصلوا أرحامكم خير وصال، وحافظوا على وتركم وعلى صالح الأعمال، وتراحموا يرحمكم الرحمن، وتعاطفوا وتباذلوا يبذل لكم المنان، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : *” يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَفْشُوا السَّلَامَ ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ ، وَصِلُوا الْأَرْحَامَ ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ ، تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ “* . اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات …

زر الذهاب إلى الأعلى