خطبة صفة العمرة -مفرغة-
لتحميل الخطبة صوتية
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه، وأشهد أن محمد عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه.
أما بعد، أيها المسلمون عباد الله، اتقوا الله حق تقواه. ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾ [آل عمران: ١٠٢].
عباد الله، قال الله -عز وجل- في كتابه العزيز: ﴿إِنَّ الصَّفا وَالمَروَةَ مِن شَعائِرِ اللَّهِ فَمَن حَجَّ البَيتَ أَوِ اعتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِما وَمَن تَطَوَّعَ خَيرًا فَإِنَّ اللَّهَ شاكِرٌ عَليمٌ﴾ [البقرة: ١٥٨].
عباد الله، إذا أراد المسلم أن يعتمر، وأن يؤدي ما فرض الله -عز وجل- عليه من العمرة، فإنه يسأل: كيف أعتمر؟ كيف هي صفة العمرة؟ وهذا بيان مختصر لصفة العمرة.
إذا أراد المسلم أن يعتمر فإنه يهيئ نفسه أولاً لآداب الإحرام ومستحبات الإحرام:
▪أن ينظف بدنه: بأن يحلق العانة، وينتف أو يحلق الإبط، ويقلم الأظفار، ويقصر الشارب، ويأتي بما أمكن من سنن الفطرة.
▪ثم يغتسل بنية الاغتسال للإحرام.
▪ثم يتطيب في بدنه، يطيب بدنه ومواضع في بدنه.
▪ثم بعد أن يتجرد من الثياب المحيطة، يلبس ثوبين أبيضين، يلبس إزاراً ورداء أبيضين.
▪ثم بعد ذلك يصلي ركعتين، ينوي بهما صلاة الإحرام.
فإذا صلى الركعتين آن له أن يحرم بالعمرة، والأفضل أن يحرم بها راكباً سائراً. ماذا يقول في إحرامه؟ الإحرام هو نية الدخول في النسك بالقلب، فينوي بقلبه ويقول في قلبه: نويت العمرة. أو يقول في قلبه: نويت العمرة وأحرمت بها لله تعالى. فإن كان يعتمر عن غيره يقول بقلبه: نويت العمرة عن فلان بن فلان لله تعالى. هذه هي النية، وهذا هو الإحرام نية بالقلب، أن تنوي بقلبك أنك دخلت في العمرة.
▪فإذا نويت ذلك بقلبك، يستحب أن تستهل بالعمرة، وتقول بلسانك: لبيك اللهم عمرة. وهذه سنة، والفرض هو الذي في القلب، تقول: لبيك اللهم عمرة. أو لبيك اللهم عن فلان بن فلان عمرة. أو فلانة بنت فلان.
هذا هو الإحرام، فإذا أحرم المسلم بالعمرة حرمت عليه محظورات الإحرام، من تلك اللحظة حرم عليه:
▪أن يلبس المحيط من الثياب: كالثوب، والقرمة، والسروال.
▪وحرم عليه أن يغطي رأسه.
▪وحرم عليه أن يلبس القفازين والخفين.
▪وحرم عليه عند جمهور العلماء أن يغطي وجهه أيضاً، خلافاً للشافعية رضي الله عنهم أجمعين.
وأما المرأة فلا يحرم عليها إلا تغطية الوجه، ولبس القفازين، فيحرم على المرأة:
▪أن تنتقب.
▪وأن تلبس القفازين.
فإذا أرادت أن تغطي وجهها عن الأجانب، لابد أن تضع لها شيئاً على رأسها من عود ونحوه؛ حتى إذا أسقطت النقبة ونحوها لتغطية وجهها لا يمس وجهها، ومن ذلك أن تلبس القبعة التي لها مقدمة، ثم تضع عليه الساتر.
وحرم على المحرم ذكراً أو أنثى بعد ذلك:
▪أن يمس الطيب، أو أي شيء مطيب: من صابون أو دهن أو غير ذلك.
▪وحرم عليه أن يقلم الأظفار، وأن يقص الشعر .
▪وحرم عليه ما يتعلق بالنساء من عقد النكاح، والجماع، والمباشرة بشهوة.
▪وحرم عليه صيد البر.
▪وقطع شجر الحرم وعشبه.
هذه هي محظورات الإحرام، إذا أحرم المسلم حرمت عليه هذه المحظورات.
وبعد أن يحرم ينشغل بالتلبية: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك. ينشغل المعتمر بالتلبية، والذكر، والدعاء، وقراءة القرآن، ولا يشغل نفسه بباطل؛ حتى يرجع بعمرة مبرورة بإذن الله سبحانه وتعالى.
فإذا وصل مكة، ثم أراد أن يذهب إلى الحرم، وانطلق إلى بيت الله الحرام، ووصل إلى الحرم، فإنه يقدم رجله اليمنى عند دخوله، وهو أدب في كل مسجد، وهو آكد في المسجد الحرام، يدخل مقدماً رجله اليمنى قائلاً: “أعوذ بالله العظيم، وبوجهه الكريم، وبسلطانه القديم، من الشيطان الرجيم”. “بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب رحمتك”. فإذا خرج يقول ذلك، إلا أنه يقول: “وافتح لي أبواب فضلك”.
فإذا دخل الى المسجد الحرام:
- فإن جاء في وقت فريضة، فإنه يصلي مع الناس ولا ينشغل بشيء.
- وإن جاء قبل أن تقام الفريضة ولا يمكنه أن يطوف، فإنه ينشغل بتحية المسجد.
- وأما إذا جاء في غير وقت فريضة، فإنه يصوب اتجاهه ووجهه إلى بيت الله، إلى الكعبة، ويبدأ بالطواف، فإن تحية البيت الطواف.
فينطلق إلى المطاف، ويتوجه إلى الحجر الأسود، ويواجه الحجر الأسود، ثم يقرب منه بقدر الاستطاعة، بشرط ألا يزاحم، ولا يُؤذي، ولا يُؤذى، فإذا قرب من الحجر الأسود يقول وهو متجه إليه: بسم الله، والله أكبر.
وقبل ذلك للرجل خاصة، عليه أن يضطبع، يضع وسط ردائه تحت إبطه الأيمن، ويضع طرفي ردائه على كتفه الأيسر، طرف ردائه الذي على اليسرى منطرح إلى الأمام، والذي من جهة اليمنى يسقط إلى الخلف، هذا هو الاضطباع، وهو سنة في أول الطواف، فيضطبع ويقول: بسم الله،والله أكبر. ثم يلتفت، يجعل يساره جهة الكعبة، وينطلق تلقاء وجهه، ويبدأ في طوافه، وينشغل بطوافه بذكر الله عز وجل، ولا تلبية في الطواف والسعي، ينشغل بذكر الله، وينشغل بالدعاء لنفسه، ولوالديه، ولذريته، وأقربائه، وأصدقائه، والمسلمين، ينشغل بالدعاء في حضرة بيت الله عز وجل، في موطن يُستجاب فيه الدعاء، ويَكثر فيه من قراءة القرآن، ويحرص على السكينة.
وفي الأشواط الثلاثة الأولى، يسن للرجل أن يرمل، والرمل هو الإسراع في الخطى، أو الإسراع في المشي مع مقاربة الخطى، هذا إذا أمكنه ذلك، فإن لم يمكنه ذلك لزحام ونحوه ترك الرمل، فيمشي في طوافه قارئاً، ذاكراً، داعياً بما شاء من الدعاء، والأفضل بما صح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، حتى إذا بلغ عند الركن اليماني، وهو الركن الذي قبل ركن الحجر، يقول كما كان الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- : “اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار”.
فإذا وصل إلى الحجر انتهى شوط، انتهت الطوفة الأولى، ثم يقول: باسم الله، والله أكبر. عند الحجر، ويمضي إلى الطوفة الثانية، وهكذا حتى يختم سبع طوفات، ينتهي إلى الحجر.
فإذا انتهى من الطواف، ذهب ليصلي ركعتي الطواف، قال الله -عز وجل-: ﴿… وَاتَّخِذوا مِن مَقامِ إِبراهيمَ مُصَلًّى …﴾ [البقرة: ١٢٥]. فيصلي ركعتين بنية ركعتي الطواف، والمستحب أن يجعل هاتين الركعتين خلف مقام إبراهيم، جاعلاً المقام بينه وبين الكعبة، فإن كان ثمة زحام، فليصلِّ ركعتين حيثما شاء في المسجد، ينوي بهما ركعتي الطواف، يقرأ في الأولى بالفاتحة، وقل يا أيها الكافرون، ويقرأ في الثانية بالفاتحة، وقل هو الله أحد.
فإذا صلى ركعتي الطواف، انطلق إلى السعي، وإن كان تَعِباً فلا حرج عليه أن يستريح، فينطلق إلى المسعى، ويخرج من باب الصفا، فإذا دنا من الصفا قرأ هذه الآية: ﴿إِنَّ الصَّفا وَالمَروَةَ مِن شَعائِرِ اللَّهِ فَمَن حَجَّ البَيتَ أَوِ اعتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِما وَمَن تَطَوَّعَ خَيرًا فَإِنَّ اللَّهَ شاكِرٌ عَليمٌ﴾ [البقرة: ١٥٨]. قرأها النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- عندما رأى الصفا، ودنا من الصفا، ثم قال -بأبي هو وأمي-: ” أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ “. أي أبدأ بالصفا، وفي رواية: “ابْدَءُوا بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ “.
ثم يذهب المسلم المعتمر إلى الصفا، ويصعد إلى الصفا، إلى موضع يرى فيه الكعبة إن استطاع، متوجهاً إلى القبلة، ويمكنه ذلك بأن ينظر تحت قدميه في خطوط الصلاة، فيعدل قدميه على الخط، فإذا اتجه إلى الكعبة كبر، وهلل، ودعا، كما فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم، يقول مثلاً: “الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده”. ثم يدعو الله -عز وجل- بما شاء، يدعو الله -عز وجل- لنفسه، ولوالديه، ولذريته، وزوجته، وأقربائه، والمسلمين، وبلده، يدعو ويلح في الدعاء، ثم إن شاء كرر ذلك ثلاثاً، كما فعل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، كرر التكبير والتهليل والدعاء، ووقف طويلاً.
ثم ينحدر بعد ذلك من الصفا ليتوجه إلى المروة، يبدأ في شوطه الأول، ويمشي على هِينَتِه، حتى إذا بلغ في الموضع الذي فيه السعي بين الميلين الأخضرين، يسعى سعياَ شديداً، وهذا للرجل دون المرأة، حتى يصل إلى نهاية ذلك المكان، فيرجع إلى المشي على هِينَتِه، ويكون في سعيه ذاكراً لله عز وجل، قارئاً للقرآن، داعياً لله سبحانه وتعالى، يدعو لنفسه ولمن شاء، حتى إذا بلغ المروة صعد إلى المروة، وفعل كما فعل على الصفا، يتوجه إلى القبلة، ويستعين في ذلك بخطوط الصلاة هذه الأيام، ويكبر الله، ويهلل، ويدعو الله -عز وجل- بما شاء من الدعاء، والدعاء مستجاب على الصفا والمروة، فيحرص المسلم على الدعاء، والإكثار من الدعاء.
ثم إذا انتهى من ذلك -وبهذا يكون قد انتهى من الشوط الأول- ينحدر من المروة متوجهاً إلى الصفا، يمشي في مكان المشي، ويجري في مكان الجري، حتى يبلغ الصفا، وهذا شوط ثان، يفعل عليه ما فعل سابقاً وهكذا حتى يكمل سبعة أشواط يبدأ بالصفا وينتهي بالمروة، فإذا انتهى من الشوط السابع من السعي بين الصفا والمروة، ووصل إلى المروة وقد انتهى، فإنه يكون قد حان له الركن الأخير من أركان العمرة، وهو الحلق أو التقصير. ﴿… مُحَلِّقينَ رُءوسَكُم وَمُقَصِّرينَ لا تَخافونَ …﴾ [الفتح: ٢٧]. قال الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم-: ” اللَّهُمَّ ارْحَمِ الْمُحَلِّقِينَ “. ثلاثاً. ثم قال: ” وَالْمُقَصِّرِينَ “.
فالحلق بالنسبة للرجل أفضل، وأما المرأة فلا يشرع لها إلا التقصير، فإذا حلق المسلم شعره، وقصرت المرأة، انتهت العمرة، وحل ما كان محظوراً عليهم، هذه هي العمرة، وهذه هي صفتها باختصار.
أقول ما سمعتم، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، أيها المسلمون عباد الله، اتقوا الله حق تقواه.
عباد الله، ثمة مسائل يحتاجها المعتمر والمعتمرة في عمرتهم، ينبغي أن يعرفوها، فمن هذه المسائل:
- أنه يجوز للمرأة أن تستعمل حبوب منع الدورة الشهرية؛ لمنع الدم لئلا يؤخرها ذلك في عمرتها أو في حجها، فلا حرج عليها أن تستعمل حبوب منع الدورة.
- ومن هذه المسائل: أن المرأة الحائض والنفساء إذا أرادت العمرة أو الحج، وجاء وقت العمرة والحج والإحرام بهما، فجاءها الحيض أو نفست، وكان النساء يذهبن في الماضي وهن حوامل، فإذا حدث ذلك فإن الحيض والنفاس لا ينافيان الإحرام، ولا يناقضان الإحرام، يجوز لها أن تحرم وأن تقول: نويت العمرة. وهي نفساء أو حائض، وتقول: نويت الحج. وهي نفساء أو حائض، ولا يمنع عنها إلا الصلاة، لا تصلِّ ركعتي الإحرام، تنوي الإحرام وإن كانت حائضة، تنوي الإحرام وتقول: نويت العمرة. أو نويت الحج. عند الحج، فالحاصل أن الحيض والنفاس لا يمنعان الإحرام، ولا يضادان الإحرام، إلا أنها لا تصلِّ ركعتي الطواف الإحرام، ثم تبقى على إحرامها إذا وصلت إلى مكة، لا يحل لها أن تذهب إلى البيت (إلى المسجد)، ولا يحل لها أن تطوف، فتنتظر على إحرامها حتى تطهر، فإذا طهرت من حيضها أو نفاسها حينئذ تغتسل من الحيض أو النفاس، ويندر أن تذهب النفساء، لكن الغالب أن تذهب الحائض، فتغتسل، ثم تذهب وتطوف بالبيت، وتسعى، وتقصر، تأتي بعمرتها بعد أن تطهر.
- ومن المسائل التي يحتاجها المعتمر: أنه يجب أن يعرف أنه لا يحل للمسلم أن يتجاوز الميقات إلا محرما، يجوز له أن يحرم قبل الميقات، ولكنه لا يجوز له أن يتجاوز الميقات إلا محرما، فإذا تجاوز الميقات غير محرم، فإنه يجب عليه أن يرجع إلى الميقات، قبل أن يباشر شيئاً من أعمال العمرة، فإذا لم يرجع، وباشر شيئاً من أعمال العمرة، فإنه يجب عليه دم؛ لأنَّ الإحرام من الميقات واجب من الواجبات، ويجبر بدم.
- ومن المسائل التي يحتاجها المعتمر والحاج: هو أن المسلم مريد الحج والعمرة، إذا لم يمر على الميقات من هذه المواقيت، فإنه يحرم من موازاتها ومحاذاتها، براً، أو بحراً، أو جواً، فإذا جاء عن طريق الجو بالطائرة، فإنه يحرم إذا كان بمحاذاتها، يخبره الذين في الطائرة، وكابتن الطائرة يخبره أنه قد صار على محاذاة الميقات، فينوي بقلبه حينئذ العمرة أو الحج.
- ومن المسائل: أنه قد يبتلى الإنسان، بأن تأخذه الحملة إلى المدينة قبل أن يذهب إلى مكة، وقد يقول قائل: هذا قد تجاوز الميقات، ولم يحرم من ميقات أهل اليمن، من يلملم، من السعدية، ولم يحرم من السيل الكبير، من ميقات أهل نجد، نجد اليمن، ونجد اليمامة، ثم ذهب به إلى المدينة للزيارة قبل العمرة أو قبل الحج، فهذا لا حرج عليه؛ لأنه إذا ذهب إلى المدينة سيحرم من ميقات المدينة، لم يتوجه إلى الحرم مباشرة، ثم إنه سيحرم من الميقات، من ميقات المدينة، من أبيار علي، فلا حرج عليه ولا دم عليه.
- ومن المسائل المهمة التي ينبغي أن يعرفها المعتمر والحاج: هو أن الطواف تجب له الطهارة، ويجب له الوضوء، فلا يصح الطواف إلا من متطهر ومن متوضئ، فإذا أحدث في أثناء الطواف، يجب عليه أن يوقف الطواف، وأن يذهب فيجدد الوضوء، ثم يرجع ويكمل ويبني، ولا يستأنف من البداية، يكمل طوافه إن شاء؛ لأن الموالاة بين الطوفات ليست واجبة، يذهب ويتوضأ، ثم يرجع ويكمل ما بقي عليه من الطواف أو من السعي، والسعي ليس من شرطه الطهارة.
- ومن المسائل المهمة التي ينبغي أن يعرفها المسلم الحاج والمعتمر: أن من واجبات وشروط الطواف أن يكون البيت عن يسار الطائف، فلا يجوز للطائف أن يلتفت، لا يجوز له أن يجعل الكعبة أمام وجهه، ولا يجوز أن يجعلها خلف ظهره، ولا يجوز أن يجعلها عن يمينه، قد يحصل ذلك عند الطواف، وعند الحرص على بعض الأقرباء، والأصدقاء، والأولاد، وقد يحصل ذلك بسبب الزحام، فإذا حصل أن التفت الإنسان، وجعل غير يساره إلى الكعبة، وتقدم شيئاً يسيراً، عليه أن يرجع؛ لأنه لا يحسب له كل خطوة يخطوها الطائف وجنبه الأيسر ليس إلى الكعبة، ليس محسوباً له، فعليه أن يرجع من حيث التفت، ويكمل طوافه.
- ومن المسائل كذلك المهمة: أن من واجبات الطواف أن لا يصرف المسلم الطواف إلى غيره، فإذا كان يطوف ثم حدث أن ضاع بعض أقربائه أو أصدقائه، فلا يصرف نيته -عند السعي، وعند المشي إلى البحث عن صديقه- بل عليه أن يستبقي النية بالطواف، أو أن يصرف نيته ثم يعود ليكمل، فإذا مشى خطوات، وقد صرف النية في مشيه إلى غير الطواف، إلى البحث عن صديقه أو قريبه، فلا يحسب له، وعليه أن يعود إلى موضعه ذلك؛ ليأتي بالطواف صحيحاً، خالصاً لله -عز وجل- في نيته وقصده.
- ومما يحتاج إلى معرفته الحاج والمعتمر: هو أنه يجوز للمسلم أن يكرر العمرة، لا حرج على المسلم أن يكرر العمرة ولو في سفرة واحدة عند جمهور العلماء، وقد قال الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم-: “الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا”. فيجوز أن تكرر العمرة في السفرة الواحدة، فإذا أراد المسلم أن يكرر العمرة وهو بمكة، فعليه أن يخرج إلى أدنى الحل، ليحرم من أدنى الحل، ومن أفضل ذلك وأسهله وأيسره أن يذهب إلى مسجد عائشة رضي الله عنها، وهو في أدنى الحل، فيأتي بمستحبات الإحرام هناك، ويحرم بعمرة جديدة.
- ومما ينبغي أن يعرفه المسلم: هو أنه لا يجوز للمسلم أن يحرم بعمرة لاثنين في إحرام واحد، كما قد يفعله بعض الناس، يكرر العمرة، وينوي بأن تكون له ولأبيه، أو له ولأمه، وهذا لا يجوز، لا تكون العمرة ولا يكون الحج إلا لواحد، الإحرام لواحد، فإذا أردت العمرة فنوي بها نفسك، إن شئت وحدك، وإن شئت لأبيك وحده، إن كان قد مات رحمه الله، ولأمك، فيجب أن تحرم بإحرام لشخص واحد، ولا يجوز أن يقرن اثنان في إحرام واحد.
هذه أيها الأحبة طائفة من المسائل التي قد يحتاجها الحاج والمعتمر، أسأل الله -عز وجل- أن يجعلنا وإياكم من المعتمرين الحاجين!
اللهم اغفر لنا وارحمنا، وعافنا واعفُ عنا، وتب علينا واسترنا! اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات!
اللهم إنك حي سميع قريب مجيب الدعوات! اللهم يسر أمورنا! اللهم رخص أسعارنا، غزر أمطارنا، ولِّ علينا خيارنا، اصرف عنا أشرارنا!
اللهم جنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن! اللهم جنبنا الفتن ما ظهر منها و ما بطن! اللهم جنبنا الفتن ما ظهر منها و ما بطن!
اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا! اللهم متعنا بأسماعنا، وأبصارنا، وقوتنا أبدا ما أبقيتنا، واجعله الوارث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا!
اللهم اغفر لنا أجمعين! اللهم ارحم المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين!
وصلوا وسلموا على من أمركم الله -عز وجل- بالصلاة والسلام عليه، فقال : ﴿إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾ [الأحزاب: ٥٦].
اللهم صلِّ على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنَّك حميد مجيد! اللهم بارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنَّك حميد مجيد!
عباد الله، إنَّ الله يأمر بالعدل، والإحسان، وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء، والمنكر، والبغي، يعظكم لعلكم تذكرون، فذكروا الله يذكركم، واشكروه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون