العيد والصلة بالله تعالى

العيد والصلة بالله تعالى

 ليس للعيد معنى غير الفرح والحبور , والبهجة والسرور , والتوسعة على النفس والأهل , باللعب والغناء (النشيد) والأكل والشرب , وأنواع المباحات , لكن ذلك كله في حدود الشرع , وشكرا لله تعالى على نعمائه , مع الصلة به سبحانه وتعالى , وعدم الانقطاع عن ذكره .

     كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يبدأ يوم العيد بالصلة بالله سبحانه وتعالى , يبدأ يومه بصلاة العيد ويقول : « إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ مِنْ يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّيَ، ثُمَّ نَرْجِعَ، فَنَنْحَرَ فَمَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا » رواه البخاري ومسلم . وكذلك المسلمون بعده الصحابة والتابعون وتابعيهم إلى يوم لقاء الله سبحانه وتعالى.

     وفي البدء بالصلاة في أول اليوم وقبل النحر دلالة عظيمة وهي أن صلة المسلم بربه صلة عظيمة لا توازيها صلة , فهي أول الصلات , والرب جل جلاله أول الموصولين في هذا اليوم المبارك , وفيه دلالة على أنها صلة متينة لا تنقطع حتى في يوم الفرح والبهجة والسعة , فأعظم فرح المؤمن هو فرحه بما أنعم عليه ربه جل جلاله من نعمة الإسلام , ونعمة الصيام , ونعمة الحج , ولهذا كانت أعياد الإسلام مرتبطة بهذه العبادات العظيمة . ودلالة أخرى من البدء بالصلاة هي أن فرح المسلم وتوسعه في هذا اليوم منضبط بما فيه مرضاة ربه , لا يخرجه ذلك عن طور العبودية والاستسلام , ولا ينسيه الفرح ما أوجب الله عز وجل عليه من واجبات . لكن الكثير من المسلمين اليوم يبدؤون يومهم بالصلاة ثم يهملون واجباتهم , ويؤخرون صلواتهم , فهؤلاء حضرت أجسادهم مع المسلمين ولم تحضر قلوبهم , ولم يستشعروا معنى ودلالة البداءة بالصلاة في هذا اليوم العظيم .

    وصلة العبد بربه في أيام العيد صلة دائمة مستمرة بلا غفلة , فذكر الله عز وجل سمة من سمات المسلم في  رسول هذه الأيام , يقول الهادي البشير صلى الله عليه وآله وسلم بأبي هو وأمي : في الحديث الصحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما عن العشر :( فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّهْلِيلِ وَالتَّسْبِيحِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ ) , ومن العشر يوم عرفة ويوم النحر وهما أيام عيد , ويقول عن أيام التشريق :( وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ عِيدُنَا أَهْلَ الْإِسْلَامِ، وَهِيَ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ) رواه أبو داود والنسائي عن نبيشة . فهذه هي أيام العيد أيام ذكر وتهليل وتسبيح وتحميد وتكبير وصلة دائمة بالله تعالى .

     إن المرء لتصيبه الحسرة وهو يرى كثيرا من المسلمين قد غفلوا في أيام العيد لاسيما الشباب , فقصروا في الواجبات , وغفلوا عن الصلوات , وأبعد من هؤلاء من وقعوا في المنكرات , واقترفوا السيئات , فاتقوا الله أيها المسلمون عامة , واتقوا الله يا شباب الإسلام خاصة , وأديموا صلتكم بباريكم ومولي نعمكم , فإنه من تعرف إلى الله في الرخاء عرفه ربه في الشدة .

زر الذهاب إلى الأعلى