خطبة من فضائل شهر شعبان – مفرغة –
إنَّ الحمدلله ، نحمده ونستعينه ، ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يُضلل فلا هادي له . وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله .
أما بعد :
فإنَّ أصدق الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وعلى آله وسلم – وشرَّ الأمور محدثاتها ، وكلَّ محدثة بدعة ، وكلَّ بدعة ضلاله ، وكلَّ ضلالة في النار .
﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾ [آل عمران: ١٠٢]
عبادَ الله ،
إنَّ لشهر شعبان فضائل عظيمة ، ومنزلة كريمة، شهر شعبان موسم من مواسم الخيرات ، موسم من مواسم النفحات ، يستعد فيها العباد لشهر رمضان المبارك.
قال الإمام أبوبكر الوراق البلخي – رحمه الله تعالى – : شهر رجب شهر الزرع، وشهر شعبان شهر سقي الزرع ، وشهر رمضان هو شهر الحصاد.
وهذا مَثل ضربه هذا الإمام ، وقصد به تهيئة النفوس لطاعة الله عز وجل ، وتفريغ القلوب لتعظيم الله – سبحانه وتعالى – قبل أن يحل موسم الخيرات، وميدان الحسنات المضاعفات، فالنفوس عباد الله تحتاج إلى ترويض على الطاعة، وتدريب على العبادة ، وتعويد على القرب من الله – سبحانه وتعالى – ، فإذا تروضت النفوس لطاعة الله.. سهلت العبادة عليها، وارتقت إلى درجة الالتذاذ بالطاعة ، والعبادة، والسعادة ، والأنس بذكر الله تعالى، النفس تحتاج إلى ترويض ، وتعويد ، وتدريب ، وتربية ، أن يأخذ الإنسان نفسه ، ويحاول معها شيئا فشيئا، ويتدرج بها ؛ حتى يصل بها إلى درجة عالية من القرب من الله – تعالى- ، وحتى يستعذب العبادة، وإذا لم يروض العبد نفسه ، وجاء رمضان ، شهر الطاعات وشهر الخيرات ، وشهر الحسنات المضاعفات ، دخل المسلم على رمضان فجأة ، على صوم يشتد على النفس، وعلى صلاة ، وتراويح لم تكن النفس قد تعودتها، فيشتد ذلك على النفس، يصوم المسلم صوما لا يلتذ به، ويصلي صلاة لا يخشع فيها ، هذا إذا لم يدع الصلاة والذكر وقراءة القرآن ؛ لأنه يشق عليه ، أما ذاك الذي عوّد نفسه، وهيأ روحه، وحضر قلبه، صام قبل رمضان، وذكر الله قبل رمضان، وقرأ القرآن قبل رمضان، إذا وفد عليه رمضان، سهل عليه الصيام، وسعد بالذكر، واستراحت روحه بالصلاة، فتشفّ نفسه، وتستعلي روحه، ويلتذ قلبه، وتقر عينه، وينتفع برمضان أيّما انتفاع ، هذا لمن قدم لنفسه قبل رمضان .
ولم يزل الصالحون يهيئون أنفسهم قبل رمضان، وكانوا يسمون شهر شعبان شهر القراء، وكان قيس بن عمرو من التابعين إذا دخل رمضان ، أغلق حانوته، وأقبل على المصحف.
ولسنا ندعو الناس إلى أن يغلقوا حوانيتهم، وتلك حال لذلك الرجل خاصة به، ولكنَّا ندعو إلى الإقبال على القرآن ، وتعويد النفس على الذكر وقيام الليل.
عباد الله ،
وكان نبينا الكريم صلى الله عليه وآله وسلم يكثر من الصوم ، والعبادة في شهر شعبان ، كان يصوم كثيرا، حتى ورد عن عائشة وأم سلمة – رضي الله عنهما – أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم – كان يصوم شعبان كله، والظاهر أن معنى ذلك أنه يبالغ في الصوم فيه حتى يصوم أكثره.
فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ : لَا يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ : لَا يَصُومُ. فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ إِلَّا رَمَضَانَ، وَمَا رَأَيْتُهُ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ” رواه البخاري ومسلم.
وفي الحديث عن أسامة بن زيد – رضي الله عنهما – قال : يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنَ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ. فقَالَ النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – : ” ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ ” رواه أحمد والنسائي .
فمن السنن العظيمة للنبي – صلى الله عليه وآله وسلم في شهر شعبان – الإكثار من الصوم ، فهذا حِبُّه وابن حِبِّه أسامة بن زيد – رضي الله عنهما – كان يرى النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – ، يصوم في شعبان أكثر منه في أي شهر من الشهور ؛ حتى تعجب من ذلك ، وسأل عن الأسباب .
فهذه سنة عظيمة من سنن المصطفى ، يسأل أسامةُ النبيَ – صلى الله عليه وآله وسلم – عن السبب في تخصيص شعبان بهذه السُّنة ،وبالإكثار من الصوم فيه ؛ فيُعلِّل النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – بعلَّتين :
لماذا يا رسول الله ، تكثر من الصيام في شعبان ؟ فيقول الرسول – صلى الله عليه وآله وسلم – : ” ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ ”
” شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ ”
شهر شعبان يغفل كثير من الناس عنه ، لا يغفلون عن اسمه ولا عن عدِّه ، ولكنَّهم يغفلون عن العبادة فيه لله رب العالمين ؛ لأنَّه يقع بين شهرَي عبادة ، بين رجب المعظَّم المحرم الذي يعظمه الناس، وهو من الأشهر الحرم ؛ يعظمونه تعظيماً للأشهر الحرم ، وصوماً في الأشهر الحرم – وبين شهر رمضان ، الشهر المبارك ، الذين يصمونه وجوباً وفرضاً، فيغفل الناس عن شهر شعبان ؛ فأحبَّ النبي – صلى الله عليه وآله سلم – أن لا يكون غافلاً حين يغفل الناس ، أن يصوم في هذا الشهر الذي يغفل عنه الناس ؛ ذكراً لله – عزوجل – وتذكيراً للعباد .
” شَهْرٌ يَغْفُلُ عَنْهُ النَّاسُ ” ما أشدَّ ما نغفل في هذا الشهر ! بقضاء الأعمال ، وإنهاء الأعمال ، والاستعداد لرمضان ، والاستعداد للعيد وغير ذلك من الأشياء ؛ التي تجعل هذا الشهر يمضي سريعاً ، يمضي سريعاً قبل أن يعمل فيه الإنسان عمله .
والعلة الثانية : يقول الرسول – صلى الله عليه وآله سلم – “وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ ” في شهر شعبان ، تُرفع الأعمال إلى رب العالمين .
قال : “فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ ” صلوات ربي وسلامه عليك يارسول الله .
في شهر شعبان ، ترفع الأعمال إلى الله – عزوجل – أعمال السَّنة. إذاً شهر شعبان ، فيه الحسابات الختامية للَّسنة عبادَ الله . الحسابات الختامية للسَّنة على الحقيقة في شهر شعبان .
أين الذين يَقِفون عند آخر السَّنة ، وعند رأس السَّنة إذا ما انتهت السَّنة الهجرية ؟ يُذكِّرون بختام السَّنة ، وبدء سنة جديدة مع أن بدء السَّنة في شهر المحرم ، لم يأتِ به كتاب ولا سنة ، وإنما من المصالح المرسَلة ، التي حددها عمرُ بن الخطاب – رضي الله عنه – والصحابةُ ، لا تتعلق بها عبادات ، وأين الذي يُبعِدون في النُّجْعَة ، ويقفون عند آخر السنة الميلادية ، التي لا علاقة لها بديننا ؟
تعالَوا – عبادَ الله – وقفوا هنا في شهر شعبان ، الذي فيه الحسابات الختامية للسنة على الحقيقة ، كما جاء بذلك النص ” شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ ”
وستُفتَح دفاتر جديدة ، وحسابات جديدة في شهر رمضان ، ستُرفع أعمالك – عبدَ الله – وستُعرَض على رب العالمين . أما النبي – صلى الله عليه وآله وسلم- بأبي هو وأمي – فإنَّه قال : “و أُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ ”
يُعرض عملي على رب العالمين ، وأنا صائم ، متعبدٌ لله ، خاشعٌ ، ذليل لعلَّ الله – عزوجل – أن يرحمني ، وأن يقبل عملي ، فكيف حالي وحالك عبدَ الله ؟ على أيِّ حال نحب أن تُرفع أعمالنا ، و تُعرض أعمالنا على الله – عز وجل ؟
هل تحب – عبد الله – أن يُعرض عملك على رب العالمين ، و أنت عاصٍ له ، وأنت مصر على المعصية ، وأنت مصر على البعد عنه سبحانه وتعالى ؟!
هل تريد أن يُعرض عملك على رب العالمين – جل جلاله – وأنت غافلٌ سَادِر في الحياة ، منشغل بالدنيا ؟
أم أنك تريد أن يُعرض عملك ، وأنت في خير ، وأنت في إقبال عليه سبحانه وتعالى ؟ ؛ حتى يرحمك ، ويعفو عنك ، ويزيل السقطات ، والعثرات ، ويغفر السيئات .
“فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ ” هذا القدوة – صلى الله عليه وآله وسلم – فلنتقِ الله -عباد الله – فلنتقِ الله -عباد الله ، ولنحرص على هذا الشهر الكريم الفضيل ، الذي تُرفع فيه الأعمال إلى رب العالمين ، ولْنُكثرْ فيه من الصيام ، بل ولْنبدأْ فيه بالتوبة إلى رب العالمين – جل جلاله – أن ننخلع عن المعاصي والسيئات ، أن نتوب إلى الله – سبحانه وتعالى – وأن نتقرب إليه بالطاعات ، ومن أعظم ذلك الصيام ، فإنَّ فيه توطئةً لرمضان ، وتهئيةً للنفس ؛ حتى يأتي شهر رمضان المبارك ، وقد تهيأت النفس للطاعة ، وتهيأت النفس للصيام ، وتهيأت النفس للمغفرة ، وتهيأت النفس لرفع الدرجات ، والسمو ، فإذا دخل العبد على رمضان ، وقد تهيأت نفسه ، لم يخرج منه بإذن الله ، إلا وقد غُفر له ذنبه وصار من المتقين .
أقول ما تسمعون ، و أستغفر الله لي ولكم ، فاستغفروه إنَّه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمدلله رب العالمين ، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين – سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين –
أما بعد :
أيها المسلمون – عبادَ الله – اتقوا الله حق تقواه .
عبادَ الله ، ومما جاء في الحديث في فضل شهر شعبان ، ما جاء عن أبي موسى الأشعري – رضي الله عنه – وعن غيره من الصحابة ، ولكنَّا نكتفي بهذه الرواية .
عن أبي موسى الأشعري ، عبدِالله بن قيس – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – : ” إِنَّ اللَّهَ لَيَطَّلِعُ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، فَيَغْفِرُ لِجَمِيعِ خَلْقِهِ إِلَّا لِمُشْرِكٍ أَوْ مُشَاحِنٍ “. رواه ابن ماجة ، وصححه الألباني رحمه الله .
” إِنَّ اللَّهَ لَيَطَّلِعُ ” إنَّ الله لَيتجلَّى – سبحانه وتعالى – ويطَّلع اطّلاعاً يليق بجلاله ، بلا كيف في ليلة النصف من شعبان .
” فَيَغْفِرُ لِجَمِيعِ خَلْقِهِ ” تأمَّل – عبد الله – هذه الفائدة ، تأمَّل – عبد الله – هذه الفضيلة ، فيغفر لجميعِ خلقهِ الغفورُ الرحيمُ – سبحانه – الرحمنُ الرحيمُ سبحانه .
” فَيَغْفِرُ لِجَمِيعِ خَلْقِهِ ” إلّا لاثنين إلّا لصنفين من الناس ، لا تشملهم مغفرة الله في هذا الشهر الفضيل ، و في تلك الليلة الفضيلة . من هما يا رسول الله ؟ قال : “فَيَغْفِرُ لِجَمِيعِ خَلْقِهِ إِلَّا لِمُشْرِكٍ أَوْ مُشَاحِنٍ ”
” إِلَّا لِمُشْرِكٍ ” كافرٍ بالله – عز وجل – رب العالمين -جل جلاله – لا يغفر للمشرك حتى يتوب من شركه .
﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَغفِرُ أَن يُشرَكَ بِهِ وَيَغفِرُ ما دونَ ذلِكَ لِمَن يَشاءُ … ﴾ [النساء: ٤٨]
فالإنسان مادام مصراً على الشرك والكفر ؛ فلا يُغفر له حتى يتوب من شركه وكفره .
” إِلَّا لِمُشْرِكٍ ” هذا لغيرنا ؛ لسْنا من أهل الشرك والحمدلله ، نحن من أهل لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، من أهل الإسلام .
وأما الصنف الثاني : فهو المشاحن ” إِلَّا لِمُشْرِكٍ أَوْ مُشَاحِنٍ ” المشاحن هو المشاجر ، هو المخاصم ، هو المهاجر ، الذي بينه وبين أخيه شحناء ، الذي بينه وبين أهله شحناء ، الذي بينه وبين جاره شحناء .
المشاحن المخاصم ، الذي يخاصم أخاه ، ولا يكلم أخاه، ويُعادي أخاه ، والذي يخاصم جاره ، ويشاحن جاره ، ويشاحن زملاءه ، وأصدقاءه ، الذي يشاحن المسلمين .
هذا المشاحن لا يغفر الله له ، فيمن يغفر لهم ، في تلك الليلة المباركة ، بل و تُعرض الأعمال على الله – عز وجل – في الأسبوع في يوم الخميس ويوم الإثنين ، فعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه – رَفَعَهُ مَرَّةً – قَالَ : ” تُعْرَضُ الْأَعْمَالُ فِي كُلِّ يَوْمِ خَمِيسٍ وَاثْنَيْنِ، فَيَغْفِرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ لِكُلِّ امْرِئٍ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا، إِلَّا امْرَأً كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ، فَيُقَالُ : ارْكُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، ارْكُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا “رواه مسلم .
ومعنى”اركوا”: اتركوا.
“حَتَّى يَصْطَلِحَا ” الاصطلاح المحبة ، والتآخي والتراحم ، والتزاور والتبادل والتباذل ، هذه هي الأخوة ، التي تجلُب الرحمة ، كما قال – سبحانه وتعالى – : ﴿إِنَّمَا المُؤمِنونَ إِخوَةٌ فَأَصلِحوا بَينَ أَخَوَيكُم وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُم تُرحَمونَ﴾ [الحجرات: ١٠]
(إِنَّمَا المُؤمِنونَ إِخوَةٌ ) مقتضى الأخوة هو المحبة ، مقتضى الأخوة هو التزاور ، مقتضى الأخوة هو التصالح ، والتعاون ، وليس المشاحنة ، والمشاقَقَة ، والمهاجرة ، هذا سبيل الشيطان ، وسبيل العدو ، وليس سبيل المؤمنين ، ولا سبيل الله – عزوجل – وسبيل الرسول – صلى الله عليه وآله سلم – .
﴿إِنَّمَا المُؤمِنونَ إِخوَةٌ فَأَصلِحوا بَينَ أَخَوَيكُم وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُم تُرحَمونَ﴾ [الحجرات: ١٠] ما أحوجنا للرحمة من الله – سبحانه وتعالى – ؛ حتى يرفع عنَّا عناءَ الدنيا ، وحتى يرفع عنا كرب الآخرة .
فاتقوا الله – عبادَ الله – استقبلوا رمضان بالمصالحة ، والمُوادة ، والتعاون ، والتزاور ، فلا يدخل شهر رمضان ، إلا وقد اصطلحنا ، وقد تزاورنا ، وقد تجالسنا ، وقد صرنا أحباباً ؛ حتى يغفر الله – عز وجل – لنا ، ويرحم حالنا ، أسأل الله – عز وجل – أن يَمُنَّ علينا وعليكم بكل خير !
اللهم أصلحنا في شعبان ، وبلغنا رمضان ! اللهم بلغنا رمضان ، يا أرحم الراحمين ، غير فاقدين ولا مفقودين !
اللهم اغفر للمسلمين ، والمسلمات ، والمؤمنين ، والمؤمنات الأحياء منهم ، والأموات! اللهم اغفر لآبائنا ، وأمهاتنا ، وأزواجنا، وذرياتنا ، ومشايخنا ، ومعلمينا ، ومن له حق علينا ، ومن أوصانا بالدعاء !
اللهم واغفر لجميع الحاضرين يارب العالمين ، في هذا المسجد ، وآبائهم ، وأمهاتهم ، وذرياتهم ، وأزواجهم يا أرحم الراحمين !
اللهم اغفر لنا ، وتب علينا ! اللهم جنبنا الفتن ، ما ظهر منها ، وما بطن ! اللهم جنبنا الفتن ، ما ظهر منها ، وما بطن ! اللهم جنبنا الفتن ، ما ظهر منها ، وما بطن !
اللهم ارحمنا برحمتك يا أرحم الراحمين ! اللهم غزِّر أمطارنا، رخص أسعارنا ، ولِّ علينا خيارنا ، اصرف عنا أشرارنا ! اللهم ولِّ علينا خيارنا ، واصرف عنا أشرارنا !
اللهم ارحمنا برحمتك ! اللهم ارفع عنا كربك وغضبك يا رب العالمين ، وسخطك ! اللهم ارحمنا برحمتك يا أرحم الراحمين !
اللهم انصر المجاهدين في سبيلك في كل مكان ! اللهم انصرهم نصراً مؤزرا ، و افتح لهم فتحاً مبينا ! اللهم أعزنا يا رب العالمين ، بعزتك !
اللهم أبرم لهذه الأمة أمراً رشدا ! يعز فيه أولياؤك ، ويذل فيه أعداؤك ، ويُؤمر فيه بالمعروف ويُنهى فيه عن المنكر .
عبادَ الله ، وصلوا وسلموا على من أمركم الله – عزوجل – بالصلاة ، والسلام عليه ، فقال : ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾ [الأحزاب: ٥٦]
اللهم صلِّ على محمد ، وعلى آل محمد ، كما صليت على إبراهيم ، وعلى آل ابراهيم ، إنك حميد مجيد ! اللهم بارك على محمد ، وعلى آل محمد ، كما باركت على إبراهيم ، وعلى آل ابراهيم ، إنَّك حميد مجيد !
عبادَ الله ، ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأمُرُ بِالعَدلِ وَالإِحسانِ وَإيتاءِ ذِي القُربى وَيَنهى عَنِ الفَحشاءِ وَالمُنكَرِ وَالبَغيِ يَعِظُكُم لَعَلَّكُم تَذَكَّرونَ﴾ [النحل: ٩٠]
فاذكروا الله ؛ يذكركم واشكروه ؛ يزدكم ، ولذكر الله أكبر ، والله يعلم ما تصنعون .
لتحميل الخطبة صوتية من هنا