معنى الضرب في قول الله تعالى ( وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ)

رقم الفتوى ( ٤١٤٨ )

السؤال : سمعت أن معنى الضرب في قول الله تعالى ( وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ)[سورة النساء: 34]. بأن المقصود به واهجروهن، وأن الضرب يأتي في اللغة العربية بمعنى الترك والمباعدة، ومنه يقولون: فلان أضرب عن الطعام يعني :تركه وابتعد عنه وهجره. ومنه الضرب في الأرض بمعنى السفر

فما صحة ذلك؟

الجواب : تأويل الضرب في قول الله تعالى :

( وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ)[سورة النساء: 34]. بأن المقصود به الهجر والمباعدة ونحو ذلك تأويل باطل وجهل باللغة العربية وجهل بالشرع، فالضرب والفعل منه ضرب يختلف معناه بحسب تعديه ولا يجوز استعمال أي نوع وشكل في موضع الآخر:

فضرب المتعدي بنفسه على اسم واحد فقط معناه الضرب باليد تقول: ضرب محمد سالما، فالضرب هنا لا يمكن تفسيره بالهجر والمباعدة، وكذلك حين تقول: يا محمد اضرب سالما، أي : باليد. ومنه قوله تعالى:(واضربوهن) وقد فسر في الحديث: في خطبة حجة الوداع أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:فَاتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ، فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللَّهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ، وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ، فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ

رواه مسلم في صحيحه.

والضرب بمعنى السفر يكون متعديا بحرف الجرفيوتذكر بعده الأرض فتقول:ضرب في الأرض، ويضرب في الأرض، قال الله عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَٰلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ ۗ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)[سورة آل عمران: 156].

والضرب بمعنى الرمي يتعدى بحرف الجر الباء فتقول: ضرب به عرض الحائط.

والضرب بمعنى جعل المثل وبيان المثل يتعدى باللام فتقول: ضرب له مثلا ويضرب له

أما الذي يأتي بمعنى المباعدة  فهو الإضراب لا الضرب تقول منه: أضرب فلان عن الطعام أي ترك وابتعد، فهذا المصدر فيه الإضراب، والفعل منه  أضرب ويتعدى بحرف الجر عن فتقول: أضرب عن كذا.

      ثم إن في الآية ذكر الهجر في قوله تعالى : (واهجروهن في المضاجع)، فما الداعي بعد ذلك أن يكرر الهجر؟

فقول الله تعالى في الآية : (واضربوهن) ليس له في اللغة العربية  بهذا التركيب إلا معنى واحد وهو الضرب والتأديب، وهذا كذلك ما يدل عليه سياق الآية، وحديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وفهم عامة الأئمة.

      ولاشك أن المقصود بذلك ضرب التأديب ضربا غير مبرح، ولا يكون في وجه، ولا يسبب ضررا على المرأة، والمرأة قد تحتاج إلى ذلك حتى من الناحية النفسية حيث تشعر بفحولة الزوج واهتمامه بها.

      وأما الضرب المبرح والمؤذي فهو محرم شرعا، وإذا سألت وبحثت عن أكثر الناس تعرضا لعنف الأزواج ستجدهن النساء الأمريكيات حسب التقارير العالمية.

أبو مجاهد

صالح بن عبد الرحمن باكرمان

زر الذهاب إلى الأعلى