ترك الصلوات
رقم الفتوى ( 43 )
السؤال : كنت مواظبا على الصلاة ومن أفضل الناس في حيي ثم تركتها لعل الله يجب عني ما اقترفته من تورطي في أجهزة الدشوش وغيرها لأسلم بعد ذلك وقد جب الله عني ما قد أسلفت وفعلا تركت الصلاة لمدة ثلاث أسابيع لم أصل فيها إلا الجمع ثم وعدت الله وعدا ألا أترك صلاة واحدة يخرج من وقته إلا وقد صليته بعد ذلك وبعد فترة ليست بطويلة تركت أربع فرائض متتالية
تكاسلا أسمع الآذان ولا أقوم للصلاة وباليوم التالي شعرت شعورا حقيقيا لا وسوسة شيطانية ولا شيء من ذلك إنما رفع الإيمان عني وكأن أحدا أخذ شيئا من علي صدري ومن بعدها لا أستطيع مقاومة ما تحدثني به نفسي أو وسوس به الشيطان في صدري ومن آثار ذلك وأنا أتصفح النت دخلت موقع الإسلام سؤال وجواب فوجدت أن تارك الصلاة الواحدة كافر مرتد يقام عليه الحد ولا يدفن في مقابر المسلمين ولا يغسل ولا يكفن وذكر من صور الترك العمد السهر ليلا حتى لا يقوم لصلاة الفجر واستحبت نفسي هذا ولم استطع مقاومة إغراء نفسي وسهرت فعلا حتى لا أقوم لصلاة الفجر ولم أقم لصلاة الفجر أنا الآن مرتبك جدا لأني أخاف أني واقع في النفاق الاعتقادي المخرج من الملة لقول الله تعالى بسورة التوبة ( فأعقبهم نفاقا في قلوبهم بما اخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون ) وأنا الآن مواظب على الصلوات كلها ولكن أجد نفسي أضل يوما بعد يوم أريد أن أتوب … أريد أن أتوب أريد أن أتوب … لكن لا أجد الندم في قلبي فما العمل يا شيخ ؟ لا أيد أن ألقى الله على النفاق الأكبر ومما تحدث به نفسي الآتي : عند الصلاة عندما أقول وبذلك أمرت وأنا من المسلمين تقول نفسي ما أنا معترف بهذا الأمر -استغفر الله-, وما حدثتني به نفسي أيضا أتريد أن يخالف الله ما أنزله في القرآن من أجل أن يعفو عن عهدك فتقول نفسي سيغفر الله بالغصب أو الرضا -استغفر الله و أتوب إليه – وكذلك كلما أريد أن أطهر أو آكل أو أشرب أجد نفسي حقيقة تعمل ذلك للشيطان الرجيم ولأجد من نفسي اي مقاومة لذلك بل تستجيب ذلك مباشرة عياذا بالله دون أدنى مقاومة أريد أن أتطهر يا إخوان في الله
وجهوا سؤالي مباشرة إلى الشيخ إني أبكي دائما وإني أريد أن أتوب إني أريد أن أتوب أريد أن أتوب فماذا أعمل ؟ واني والله حيران أرشدوني جزاكم الله خيرا
الجواب :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد :
فمن خلال عرضك لمشكلتك تبيّن لي أولاً أنك شخص صالح في أصلك ولكن الشيطان لم ترضى نفسه أن يتركك على ما أنت عليه من الصلاح فدخل عليك من مدخلين :
المدخل الأول : مدخل الشهوات والدشوش حتى ورطك في المعصية .
المدخل الثاني : مدخل التوبة من الشهوات .
والشيطان من شأنه التوريط وليس من شأنه إخراج المسلم من ورطته قال الله عز وجل : ( كمثل الشيطان إذا قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني برئ منك إني أخاف الله رب العالمين ) الحشر : 2
والمشكلة هي أن الشيطان غشك في وسوسته التي قدفها لك في صورة نصيحة حيث أوهمك ان الطريق للتوبة وغفران الذنوب هو الكفر ثم الإسلام ، لأن الإسلام يجب ما قبله ، وقد أغرى الشيطان أبانا آدم عليه السلام من قبل بالأكل من الشجرة ( وقاسمهما إني لكما من الناصحين )
فكيف تكون الردة عن الإسلام – بالله عليك – طريقا إلى التوبة ، ولعلك إذا ارتددت ألا تتوب ولكن الله منّ عليك بفضله لأصل الفلاح والخير الذي فيك ، وكان الطريق الأيسر لغفران الذنوب هو أن تتوب من المعصية والتوبة تجب ما قبلها ( يا عبادي الذي أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم ) تأمل هذه الآية العظيمة ، واللمسة الحانية التي فيها ، والشفقة والرحمة من الرحمن الرحيم سبحانه ، بل قال الله عز وجل في آية أخرى ( إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات ) فهل تجد عرض أعظم من هذا ، إذا تبت تحولت سيئاتك إلى حسنات ، يا له من رب كريم عظيم يستحق منا أن نتوب إليه وأن نحبه وأن نأنس به .
وأما ما وقعت فيع من ترك للصلاة واقتراف لبعض المعاصي فلن يكون أعظم مما كان عليه الصحابة قبل الإسلام من الإشراك والجاهلية ثم كانوا على ما كانوا عليه ، فلا تبق في نفسك للشيطان عليك سبيلا .
وما وقع في نفسك من خواطر ، وما تحدثت به نفسك أو كادت فإنما هو وحي الشيطان الذي لم ترضه نفسك ولم تقبله وهذا هو صريح الإيمان كما دل على ذلك الحديث ، وهذا يؤكد أنك صرت في صراع من شيطان وأنه صار يوهمك أن ما يلقيه في خاطرك من وسواس هو من نفسك ، وكذب والله ، وإن كيده لضعيف ، والحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة وأنت بالله أقوى من هذه الوساوس الساقطة الهابطة الدنئية فأقبل على رب رحيم عفو غفور يغفر لك ويتوب عليك وكأني بك قد عدت وتبت وسلكت سبيل الصلاح والإصلاح والله يوفقك لما يحب ويرضى .