زكاة الفطر

بسم الله الرحمن الرحيم

زكاة الفطر

زكاة الفطر وتسمى زكاة البدن وسماها النبي صلى الله عليه وآله وسلم كذلك زكاة رمضان.

– حكم زكاة الفطر: أجمع العلماء على أن زكاة الفطر  واجبة أوجبها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
فعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ : فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ، وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلَاةِ. رواه البخاري ومسلم.

وعن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قال : كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ ، أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ. رواه البخاري ومسلم.

– فرضت زكاة الفطر في شعبان في السنه الثانية من الهجرة.

– تجب زكاة الفطر على من أدرك جزءا من رمضان وجزءا من شوال أما من مات قبل انتهاء رمضان أو ولد بعد انتهاء رمضان فلا تجب عليه.

– زكاة الجنين لا تجب، واستحب  بعض العلماء الإخراج عن الجنين.

– يجوز تقديم زكاة الفطر من أول رمضان عند الإمام الشافعي رحمه الله تعالى، على قاعدة : ماكان له سببان يجب عند سببه الثاني ويجوز عند سببه الأول ،  فزكاة المال مثلا لها سببان النصاب والحول فتجب عند الثاني وهو حول الحول وتجوز عند الأول وهو النصاب ، وكذلك زكاة الفطر لها سببان دخول رمضان وثبوت شوال والفطر من رمضان؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نسب زكاة البدن إلى رمضان وإلى الفطر، فيجب إخراجها عند الفطر من رمضان وتجوز من أول شهر رمضان.
ومسأله تقديم زكاة الفطر من مسائل الخلاف ، والجمهور على جواز التقديم فالإمام أبو حنيفة رحمه الله تعالى يرى جواز تقديم إخراج زكاة الفطر مثل زكاة المال ولو قبل سنة ، ويرى الإمام مالك رحمه الله تعالى أنه يجوز إخراجها بعد انتصاف شهر رمضان ، وضيق الامام أحمد رحمه الله تعالى الأمر فلا يجوز عنده إخراجها إلا قبل يوم أو يومين من العيد لفعل ابن عمر رضي الله عنهما ، وهذا هو الأفضل والأكمل ولكن من حيث الراجح الجواز من أول رمضان.
وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه في قصة سرقة الشيطان من زكاة رمضان ما يدل على أن المسلمين زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان فيهم من يخرج زكاة الفطر قبل عدة ليال من العيد.

– شروط وجوب زكاة الفطر :
لا تجب زكاة الفطر إلا على من اجتمعت فيه شروط الوجوب، وهي :
1- الاسلام: فتجب زكاة الفطر على المسلم، وعلى جميع من يعولهم بالتبرع، ولا تجب زكاة الفطر على كافر.

2 – الحريه: فلا تجب على العبد, ولكن تجب على سيده.
3 – اليسار: واختلف الأئمة في ضابط اليسار في زكاة الفطر، وعند الإمام الشافعي رحمه الله تعالى وغيره أن يملك المسلم من قوت البلد زيادة على قوته وقوت من يعول يوم العيد وليلته.

– مقدار الزكاة صاع عن كل نفر وهو أربعة أمداد بمد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والمد عند جمهور العلماء بالوزن رطل وثلث بالبغدادي، واختلف العلماء المعاصرون في قدر المد  والراجح أنه ٦٠٠ جرام فيكون الصاع (أربعة أمداد) نحو كيلوين ونصف تقريبا.

– ذهب الجمهور ومنهم الأئمة مالك والشافعي وأحمد رحمهم الله تعالى إلى أنه لا يجوز إخراج القيمة في زكاة الفطر ، و ذهب الإمام أبو حنيفه رحمه الله تعالى إلى جواز إخراج القيمة ، والأصل إخراجها صاعا من قوت أهل البلد ولكن  يجوز إخراج القيمة في بعض الأحوال والمناطق التي لا يقبل فيها الطعام ، فلا حرج أن يخرج المسلم القيمة ، وكذلك عندما تخصم الدولة قيمة زكاة الفطر على الموظف فله أن يكتفي بذلك، والأفضل أن يخرجها طعاما إذا كان مقتدراً.

– زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين كما جاء في الحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ، مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ، وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنَ الصَّدَقَاتِ. رواه أبو داود وابن ماجه.
والحديث حسن إلا *زياده* “فمن أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات” فهذه الزياده ليس لها شاهد، والحديث في أصله ضعيف ، وإنما تقوى أوله بالشواهد؛ لذا لم يقل به الأئمه الأربعه وجماهير السلف والخلف ، وإنما ذهب إلى الأخذ بظاهره الإمام ابن حزم رحمه الله تعالى وأهل الظاهر وبعض المعاصرين ، وهذا القول خطأ وليس بصحيح. والصواب هو قول الجمهور ومنهم الأئمة الأربعة أن أداء زكاة الفطر بعد الصلاة يوم العيد زكاة مقبولة ولكن مع الكراهة.
ويحرم تأخيرها إلى ما بعد يوم عيد الفطر، وتخرج قضاء.
فتجري على زكاة الفطر الأحكام الخمسه :
فتجوز: من أول الشهر عند الإمام الشافعي رحمه الله تعالى.
وتجب بثبوت شهر شوال عند الجميع.
وتستحب بعد صلاة الفجر يوم العيد إلى صلاة العيد، وهذا أحسن مايكون؛ لقول ابن عمر رضي الله عنهما مخبرا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : “وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلَاةِ” .
وتكره بعد صلاة العيد حتى غروب الشمس عند الائمه الأربعة.
وتحرم بعد غروب شمس يوم العيد، ولا يعني ذلك أنه لا يخرج الزكاة وإنما يخرجها قضاءً مع التوبة إن كان تأخيرها بتقصير.

– مكان إخراج زكاة الفطر : يخرج المسلم زكاة الفطر في البلد الذي يقيم فيه حين غربت عليه شمس آخر يوم من رمضان وهلّ عليه فيه هلال شوال؛ لأن ذلك هو وقت الوجوب؛ لذلك فإن الأولى لمن كان من أهل اليمن – على سبيل المثال – مقيما بالمملكة العربية السعودية أو مصر أو الهند ونحو ذلك أن يخرج زكاة الفطر عن نفسه حيث هو، ويجوز عند الحرج والحاجة أن تخرج عنه في اليمن.

– نقل الزكاة : الأصل أنه لا يجوز نقل زكاة الفطر ولا زكاة المال؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حديث معاذ في الصحيحين “تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ “. لكن يجوز النقل أو يستحب عندما يكون لحاجه ماسة أو لقرابة فقراء لا يلتفت ليهم، ونحو ذلك.

– النيابة في إخراج الزكاة : يجوز أن يخرج المسلم زكاة الفطر عن ولده البالغ وعن أخيه وعمن شاء بشرط علمهم وإذنهم؛ لأنها عبادة مالية فيجوز أن ينوب فيها الشخص عن الآخر.

– عندما يريد المزكي أن يعطي زكاة فطره أو بعضها لمحتاج غائب فعليه أن يعطيها لوكيل عن الفقير، قد وكله الفقير باستلام الزكاة، ولا يجزئ أن يبقيها المتصدق في بيته ولا أن يعطيها لشخص يوكله هو بأن يسلمها للفقير؛ لأن بقاء الزكاة بيد وكيلك كبقائها بيدك فكأنك لم تخرجها من يدك.

– يجوز للمسلم أن يخرج زكاة الفطر من الطعام الذي يعطى له من المؤسسات الحكومية أو الخاصة، أو من الأفراد، ولو من زكاة فطر أعطيت له.

– يجوز أن يخرج المزكي أكثر من نوع في زكاة الفطر، فيخرج آصع من البر وآصع من الرز مثلا.

– إخراج الدقيق في زكاة الفطر : الراجح دليلا جواز إخراج الدقيق في زكاة الفطر وإن كان المعتمد في مذهب الإمام الشافعي رحمه الله تعالى عدم إجزاء الدقيق ، وهو المناسب للواقع فإن بعض الناس اليوم يعطون البر للمواشي ولا يتمكنون من أكله أيام العيد ؛ لأنه يحتاج إلى طحن، ويصعب ذلك أيام العيد، والأفضل أن يزيد عند إخراج الدقيق عن الصاع مع أنه لو أخرج صاعا من الدقيق فان ما نقص منه فهو قيمة لطحنه.
والله أعلم.
كتبه أبو مجاهد
صالح بن محمد بن عبد الرحمن باكرمان
رمضان ١٤٤١ هجرية

زر الذهاب إلى الأعلى