صلاة التراويح في البيوت

رقم الفتوى ( 3503 )

السؤال : شيخنا، حفظكم الله، هل تجوز صلاة التراويح في البيوت مع إغلاق المساجد في رمضان؟ وهل نصلي في العشر الأخيرة صلاة واحدة أو نصلي التراويح ثم نصلي آخر الليل القيام كما كما نفعل في المساجد؟ وإذا فعلنا ذلك هل نوتر مع الأولى أو الثانية؟
بين لنا، جزاك الله خيرا.

الجواب : لا شك في جواز صلاة التراويح في البيت، وهذا ما يفهم من عموم قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم :” مَنْ قَامَ رَمَضَانَ – إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا – غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ” رواه البخاري ومسلم . فقيام رمضان يعم القيام في المسجد والبيت وفي كل مكان. وإنما اختلف العلماء في الأفضل، وإمامنا الشافعي رحمه الله تعالى والجمهور على أن الأفضل أن تصلى جماعة في المسجد.
والأَولى إن أمكن أن تصلى التراويح في وقت واحد كما فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وكما فعل عمر رضي الله عنه حين جمع المسلمين لصلاة التراويح فجعل على الرجال أبي بن كعب رضي الله عنه، وعلى النساء تميم الداري رضي الله عنه، ودرج المسلمون على ذلك.
وصلاة التراويح عشرون ركعة بإجماع المسلمين، وصلاها المسلمون كذلك خمسة عشر قرنا مضت.
ويجوز الاقتصار على بعضها عند الشافعية وغيرهم سواء ثمان أو عشر أو اثنتي عشرة أو غير ذلك.
والظاهر أنه يجوز الزيادة على العشرين كما فعل أهل المدينة، وهل الزيادة من التراويح أو نافلة فيه خلاف.
ويجوز أن تصلى التراويح بعد صلاة العشاء مباشرة كما فعل عمر الصحابة رضي الله عنهم، وتبعهم على ذلك جمهور المسلمين، ويجوز أن تصلى وسط الليل ويجوز أن تصلى آخر الليل، كل ذلك يدخل في عموم النصوص، وتسمى في كل ذلك قيام رمضان سواء كانت في أول الليل أو في وسطه أو آخره، وإنما سميت بالتراويح؛ لأن الناس يستريحون فيها بين كل ركعتين.
ولا حرج في تقسيم الركعات لتصلى بعضها بعد العشاء وبعضها آخر الليل، وهذه الصورة داخلة في عموم حديث “من قام رمضان” وحديث” ” صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى ، فَإِذَا خَشِيَ أَحَدُكُمُ الصُّبْحَ صَلَّى رَكْعَةً وَاحِدَةً تُوتِرُ لَهُ مَا قَدْ صَلَّى “. والقول بأن تقسيم التراويح بدعة خطأ محظ، فقيام رمضان مطلق لا دليل على تقييده في وقت واحد، وأما تسمية الناس الصلاة ليالي رمضان في أول الليل تراويح وفي آخره قياما فهذا مصطلح حادث لا أثر له في الحقيقة، وقد صح أن بعض الصحابة صلى قيام رمضان مرتين في ليلة وهو طلق بن علي رضي الله عنه ، فعَنْ قَيْسِ بْنِ طَلْقٍ قَالَ : زَارَنَا طَلْقُ بْنُ عَلِيٍّ رضي الله عنه فِي يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ، وَأَمْسَى عِنْدَنَا وَأَفْطَرَ، ثُمَّ قَامَ بِنَا اللَّيْلَةَ وَأَوْتَرَ بِنَا، ثُمَّ انْحَدَرَ إِلَى مَسْجِدِهِ فَصَلَّى بِأَصْحَابِهِ، حَتَّى إِذَا بَقِيَ الْوِتْرُ قَدَّمَ رَجُلًا فَقَالَ : أَوْتِرْ بِأَصْحَابِكَ ؛ فَإِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ” لَا وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ “.رواه أحمد وأبو داود والنسائي.
ويختار الناس لأنفسهم الأنسب من ذلك، فإن أمكن أن يصلوا صلاة واحدة كافية فذلك هو الأفضل، سواء كان ذلك في أول الليل أو آخره. وإن لم يمكن إلا بتقسيم الركعات فلا حرج. ويؤخروا الوتر ليكون آخر الليل، إلا إذا كان أكثر المجموعة يكتفون بصلاة أول الليل فعلى الإمام أن يوتر بهم ولا يوتر آخر الليل كما فعل طلق بن علي رضي الله عنه. وأما المأمومون إن أوتر الإمام أول الليل فهم بالخيار:
إن شاؤوا أوتروا مع الإمام ليضمنوا قيام ليلة لحديث “مَنْ قَامَ مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ كُتِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ”.
وإن شاؤوا انصرفوا قبل الوتر، وسيتم لهم قيام ليلة بقيام آخر الليل، وأدركوا بهذا العمل بحديث “اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ بِاللَّيْلِ وِتْرًا “.
وإن شاؤوا نووا في الركعة الأخيرة الوتر للإمام ركعتين وقاموا قبل سلام الإمام من الوتر وشفعوا بركعة.
ولا أحب هذه الصورة؛ لأن القنوت يصير فيها كل يوم في الركعة الأولى.
والله أعلم.
أبو مجاهد
صالح بن محمد بن عبد الرحمن باكرمان.
رمضان ١٤٤١هجرية

زر الذهاب إلى الأعلى