حكم تهنئة الكفار بأعيادهم

بسم الله الرحمن الرحيم

تهنئة الكفار على شيء من أعيادهم من المحرمات التي دلت علها النصوص المتظافرة في الكتاب والسنة :
فقد جاءت النصوص في الكتاب والسنة بالنهي عن موالاة الكفار والتشبه بهم ، قال الله عز وجل : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ۘ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) [سورة المائدة : 51] .
وقال الله تعالى : (كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلَاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلَاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلَاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا ۚ أُولَٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) [سورة التوبة : 69].
وعن ابن عمر رضي الله عنه ﻗﺎﻝ: ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وعلى آله ﻭﺳﻠﻢ: «ﻣﻦ ﺗﺸﺒﻪ ﺑﻘﻮﻡ ﻓﻬﻮ ﻣﻨﻬﻢ» . ﺭﻭاﻩ ﺃﺣﻤﺪ ﻭﺃﺑﻮ ﺩاﻭﺩ .
ومن الموالاة ما هو محرم دون الكفر كبعض أنواع التشبه ، والتهنئة لهم فيما يتعلق بدينهم من التشبه بهم في شعائرهم ودينهم .
وجاءت النصوص في الكتاب والسنة بالنهي عن التعاون على الإثم والعدوان ، قال الله عز وجل : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [سورة المائدة : 2].
وما النصارى عليه من الأعياد من الإثم بلا شك ؛ لأنه باطل ، والتهنئة عليها فيها تشجيع وتعاون على الإثم .
وإنما لم يرد عن بعض الأئمة المتقدمين نص في الزجر عن التهنئة للكفار في أعيادهم ؛ لأن أفراد الأمة لم يكونوا قد بلوا بذلك في زمن عزة الإسلام ، ودليل ذلك أنه لم يرد نص عنهم في جواز التهنئة كذلك ، وقد نص كثير من الفقهاء على تحريم التهنئة بأعياد الكفار، والنصوص العامة في النهي عن التشبه بالكفار والنهي عن التعاون على الإثم والعدوان كافية لنا في ذلك .
والتهنئة بالأعياد ليس من العادات فإن الأعياد من خصائص الأمم التي يعتقدونها ويعظمونها ، وليست من العادات التي لا علاقة لها بالدين والعقيدة ، وإذا كانت أعياد الكفار جزءا من اعتقاداتهم الباطلة فهي من الإثم ، والتهنئة عليه تشجيع على الإثم ، وكان الواجب على المسلم هو النصيحة للكافر بترك هذا الإثم ، وإنه لمن التناقض أن ينصح المسلم الكافر بترك عيده وتهنئته بعيده .
فالتهنئة للكفار بأعيادهم لا شك أنها من المحرمات.
والذي الذي أجازه العلماء من التهنئة هو تهنئة الكافر على ما يحصل له من نعم الله كوجود مولود وعود غائب ونحو ذلك ، فيهنأ بلفظ ليس فيه تشجيع على دينه .
ودعوى أن التهنئة اختلفت وصارت اليوم من البر في حين كانت تدل قديما على الإقرار فاختلف حكمها دعوى باطلة، فإن التهنئة من الهناء، وهو الراحة والسعادة، والمهنئ بالعيد يقرن لهم بين الهناء والراحة والسعادة والعيد، وهذا كذب وزور وباطل، وهو كذلك تغرير بهم وخداع لهم وإيهام أن الهنأ لهم والراحة والسعادة في هذه الأعياد، فهذا تغرير وخداع بدلا من النصيحة والبيان والصراحة بأن ضلالهم وعذابهم وسوء منقلبهم في الآخرة بسبب تلك الأعياد والاعتقادات.
وعلاوة على ذلك ما في عيد الميلاد من البدع والعادات الشركية التي ينكرها بعض النصارى ويبينها والعارفون بتواريخ الأمم.
والله أعلم .
أبو مجاهد
صالح بن محمد بن عبد الرحمن باكرمان.

زر الذهاب إلى الأعلى