خطبة أسباب الرزق -مفرغة-
أسباب الرزق
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله،
(يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102]،(يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء:1]، (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب:70-71].
أيها المسلمون, عباد الله: عود على بدء في الحديث عن الرزق, فقد سبق لنا حديثٌ عن حقائق في الرزق, وحديثنا اليوم عن الأسباب المشروعة التي يطلب زيادة الرزق والبركة فيه, وطلب الزيادة في الرزق فطرة فطر الله عز وجل عليها الناس, فقد خلق الله عز وجل الإنسان و فطره على حب المال, {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} [العاديات: 8] أي: لحب المال, فهذه فطرة ولكن كيف تكسب المال؟ وكيف تزيد في الرزق؟ ينبغي على العبد المؤمن أن يتخذ الوسائل المشروعة للزيادة والبركة في الرزق, فإن الطرق الممنوعة المحرمة لا تؤدي إلا إلى التلف والخسران والهلاك, وإلى الإثم والنار في الآخرة.
فهاكم -عباد الله- عشرة أسباب تؤدي إلى زيادة الرزق والبركة فيه:
الأول التوبة والاستغفار: أن تتوب -عبد الله- إلى الله عز وجل من ذنوبك, وأن تكثر من الاستغفار لله سبحانه وتعالى, أن تطلب المغفرة لذنبك, واستغفروا الله {وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ} [هود: 3], {وَيَاقَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ} [هود: 52], {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا} [نوح: 10، 12], وفي الأثر عن الشعبي عامر بن شراحيل -رحمه الله- أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- خرج يستسقي ومعه الناس فلم يزد على الاستغفار, فقالوا: ما رأيناك استسقيت؟ فقال: “لقد طلبتُ المطر بمجاديح السماء التي يُستنزل بها المطر” ثم قرأ : {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا}.
والسبب الثاني من الأسباب المثمرة لزياده الرزق والبركة فيه: هو التقوى والإيمان, أن تتقي ربك سبحانه وتعالى, وأن تراقبه في السر والعلن, وأن تستقيم على طاعته, وأن لا يراك في معاصيه, قال سبحانه وتعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: 2، 3], ومن يتق الله يجعل له مخرجا من كربة, يجعل له مخرجا من محنته, يجعل له مخرجا من همه, يجعل له مخرجا من كل شيء, ويرزقه من حيث لا يحتسب ولا يتوقع, وقال سبحانه وتعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} [الأعراف: 96].
والسبب الثالث المؤدي إلى زياده الرزق والبركة فيه: التوكل على الله عز وجل والاعتماد عليه سبحانه وتعالى, والثقة به وحسن الظن به جلا في علاه, قال سبحانه وتعالى: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا} [الطلاق: 3] فمن يتوكل على الله ويوفض أمره إليه ويثق به فهو حسبه وهو كافيه سبحانه وتعالى, وفي الحديث عن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول: “لَو أَنكُمْ تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كَمَا يرْزق الطير, تَغْدُو خماصا وَتَروح بطانا”, “لَو أَنكُمْ تتوكلون على الله حق توكله” أي: تعتمدون على الله وتثقون به تعالى, وتظنون بالله حسن الظن “لرزقكم كما يرزق الطير” كيف يرزق الطير؟ تغدو خماصا كل يوم تغدو الطير من وكناتها وأعشاشها خماصا ضامرة البطون ليس في بطونها شيء, وتروح بطانا أي: تروح في وقت الرواح ترجع بطانة قد امتلأت بطونها, تغدو متوكلة على الله واثقة بالله وبرزقها عند الله, فيرزقها الله عز وجل كل يوم, وهي في توكلها تغدو وتروح وتعمل وتنشط.
والسبب الرابع من الأسباب المؤدية إلى زياده الرزق والبركة فيه: أن يطلب العبد الرزق الحلال في البكور, وأما تعلق الرزق بالطلب فهي حقيقه من الحقائق التي سبق أن تحدثنا عنها من قبل, فالتبكير في طلب الرزق من أسباب زياده الرزق ومن أسباب البركة, وقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: “اللَّهُمَّ بَارِكْ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا”, دعوة من النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهي دعوة مستجابة لا محالة, فقد دعا النبي صلى الله عليه وآله وسلم للذين يبكِّرون في طلب الرزق وفي العمل, فبكرو إلى طلب الرزق -عباد الله-, وبكروا إلى أعمالكم كما كان آباؤنا وأجدادنا.
والسبب الخامس من الأسباب المؤدية إلى زياده الرزق والبركة فيه: الزواج لمن لم يتزوج, قال الله سبحانه وتعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [النور: 32], أنكحوا معشر الآباء معشر الأولياء معشر المسؤولين معشر الأغنياء, ساهموا في زواج الأيامى والأيامى جمع أيِّم, والأيم الذي ليس له زوج من ذكر أو أنثى, وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم, كيف ننكحهم ولا مال لهم, والزواج مسؤوليه ويحتاج إلى النفقة, ويحتاج إلى البناء, ويحتاج إلى نفقه على الأولاد في المستقبل, قد تكفل الله عز وجل برزق كل أحد, ووعد بالزيادة للناكح المتعفف “إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ”, وفي الحديث قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “ثَلَاثَةٌ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَوْنُهُمُ: الْمُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَالْمُكَاتَبُ يُرِيدُ الْأَدَاءَ، وَالنَّاكِحُ الَّذِي يُرِيدُ الْعَفَافَ”, فالمتزوج الذي يريد أن يعف نفسه حقٌ على الله أوجب الله عز وجل على نفسه أن يعينه وأن يرزقه.
والسبب السادس من الأسباب المؤدية إلى الزيادة في الرزق والبركة فيه: صلة الرحم؛ أن تصل رحمك, أن تصل والديك أبناءك إخوانك أجدادك أقرباءك, أن تتواصل معهم وأن تعينهم, وفي الحديث عن انس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ في رِزْقِهِ، وَأَنْ يُنْسَأَ لَهُ في أَثَرِهِ؛ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ” [رواه البخاري ومسلم], “من أحب” وفي رواية للبخاري: “مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ في رِزْقِهِ” أي: أن يوسع له في رزقه, “وينسأ له في أثره”, أي: أن يؤخر له في أجله وأن يطول عمره فليصل رحمه, وأما من قطع رحمه قطع الله عز وجل ما بينه وبينه, الرحم وعدها الله عز وجل بقوله: “منْ وَصَلَكِ وَصَلْتُهُ، وَمَنْ قَطَعَكِ قَطَعْتُهُ” فمن الذي يأتيك من الخير -عبد الله- إذا قطعك الله سبحانه وتعالى, فرسالة إلى القاطعين للأرحام الذي يقطع أباه أو أمه أو اخاه أو ابن أخيه أو ابن عمه أو عمه أو أحد أقربائه: اتقِ الله, واحذر لعنة الله ونقمة الله وقطيعه الله سبحانه وتعالى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ} [محمد: 22، 23].
والسابع من الأسباب المؤدية إلى الزيادة في الرزق والبركة فيه: المتابعة بين الحج والعمرة, ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: “تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ؛ فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَالذُّنُوبَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ” [الترمذي والنسائي وحسنه], تابع بين الحج والعمرة ما استطعت -عبد الله- إلى ذلك سبيلا؛ فإنك تزور بيت الله وتقرب من الله وتطلب الله سبحانه بجوار بيته, فلا يرد لك سؤالا, “تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد”.
قلتم ما سمعتم, وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه, إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
إن الحمد لله, نحمده ونستعينه ونستغفره, ونصلي ونسلم على حبيبه ونبيه محمد, وعلى آله وصحبه والتابعين ومن تبعهم بإحسان.
أما بعد:
عباد الله:
والسبب الثامن من الأسباب المؤدية إلى زيادة الرزق والبركة فيه: شكر النعمة قال سبحانه وتعالى: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [إبراهيم: 7], هذا وعدٌ من الله جل في علاه إن شكرتم نعمه وحمدتم الله عز وجل على النعمة لا يأتيكم منه إلا المزيد منها, وإن كفرتم وجحدتم وبطرتم إن عذاب الله عز وجل لشديد وغضبه لشديد وأخذه لأليم، وفي الحديث قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “إِنَّ اللَّهَ , عَزَّ وَجَلَّ لَيَرْضَى عَنِ الْعَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الْأَكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا, أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا” [رواه البخاري ومسلم].
فينبغي علينا أن نشكر الله سبحانه وتعالى على نعمه قليلها وكثيرها, وهي لا تعد ولا تحصى, أن نشكره بالقلوب وأن نشكره بالجوارح وأن نشكره بالألسنة, وقد علمنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم في ما علمنا أن نقول إذا أكلنا أو شربنا: “الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنِي هَذَا الطَّعَامَ وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلَا قُوَّةٍ”, واذا لبسنا أن نقول”الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَسَانِي هَذَا وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلَا قُوَّةٍ”, وأن نحمده على كل النعم سبحانه وتعالى.
والتاسع من الأسباب المؤدية إلى الزيادة في الرزق والبركة فيه: الإنفاق في وجوه الخير, تنفق مما آتاك الله سبحانه وتعالى, أن لا تمسك يدك مما أعطاك الله سبحانه وتعالى, وانفقوا مما آتاكم الله من بعض ما رزقكم, قال سبحانه وتعالى: {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [سبأ: 39], فما أخرجته من مال في نفقة وصدقة فإن الله يخلفه ويعيده عليك بزيادة, وجاء في الحديث أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: “ما مِن يومٍ يُصْبحُ العِبادُ فيهِ إلا مَلَكانِ يَنزلانِ، فيقولُ أحَدُهُما: اللهمَّ أعط مُنفِقاً خَلَفاً، ويقولُ الآخَرُ: اللهمَّ أعطِ مُمْسِكاً تَلَفاً” [رواه البخاري ومسلم], فاختر لنفسك -عبد الله- ما تريد؛ هل تريد أن يقول لك الملك: اللهمَّ أعط مُنفِقاً خَلَفاً, أو تريد أن يقول لك الملك الآخر: اللهمَّ أعطِ مُمْسِكاً تَلَفاً!.
فأنفق ينفق الله عليك, أنفق على نفسك وعلى ولدك وعلى أقربائك ولو بالشيء اليسير.
والعاشر من الأسباب وهو الختام: الدعاء؛ أن تسال الله سبحانه وتعالى الرزق وأن تطلب من الله سبحانه وتعالى, قال الله عز وجل: {فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [العنكبوت: 17], أ]: اطلبوه الرزق من عند الله, وقد علمنا أنبياء الله أن نطلب الرزق من الله سبحانه وتعالى, فهذا إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام يقول: { وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [البقرة: 126], وموسى الكليم عليه الصلاة والسلام لما نزل بأرض مدين وليس عنده مال ولا طعام ولا شراب رفع يديه إلى السماء وقال: {رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} [القصص: 24], وهذا الحبيب المصطفى صلى الله عليه واله وسلم كَانَ الرَّجُلُ إِذَا أَسْلَمَ عَلَّمَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ، ثُمَّ أَمَرَهُ أَنْ يَدْعُوَ بِهَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ: “اللهُمَّ اغْفِرْ لِي، وَارْحَمْنِي، وَاهْدِنِي، وَعَافِنِي وَارْزُقْنِي”,
وهذا هو الدعاء الذي يقوله المصلي في جلوسه بين السجدتين يدعو بهذا الدعاء ويسال الله سبحانه وتعالى من رزقه, فابتغوا عند الله الرزق.
عباد الله: احرصوا على هذه الأسباب المشروعة يزدكم رب العزة جل جلاله من فضله العميم, ويبارك لكم في أوقاتكم وفي أرزاقكم وفي أنفسكم وفي ذرياتكم, واحذروا أن تطلبوا الزيادة من الرزق فيما حرم الله؛ فإن في ذلك الخسران والهلاك والحسرة, وليس فيه شيء من البركة.
وصلوا وسلموا على من أمركم الله عز وجل بالصلاة والسلام عليه فقال: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56], .
لتحميل الخطبة -صوتية- من هنا