حكم التجسس على المسلمين
رقم الفتوى ( 2766 )
السؤال : يقول الله تعالى في كتابه *(وَلَا تَجَسَّسُوا )* [سورة الحجرات: 12]. إلى آخر الآية، فماحكم من يعمل جاسوسا في السلك العسكري؟
الجواب : يحرم التجسس على المسلمين وتتبع عوراتهم وأخطائهم الخاصة؛ لقول الله عز وجل: *(وَلَا تَجَسَّسُوا )* [سورة الحجرات: 12]. فهذه الآية تحد من التدخل في الأمور الشخصية للأفراد.
ولكن يجب على المسلمين استعمال مبدأ الحذر من الأعداء ومن جواسيس الأعداء وعملائهم ولو كانوا مسلمين؛ لقول الله عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ) [سورة النساء: 71]. ولقول الله عز وجل عن المنافقين: (هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمَْ) [سورة المنافقون: 4]. وقال جل جلاله عن المنافقين: (لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ) [سورة التوبة: 47]. فقوله جل جلاله: ( وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ ) أي: لتحركوا وأسرعوا وسطكم وبين أفرادكم، ثم بيّن هدفهم من ذلك التحرك بقوله: (يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ) أي: يطلبون لكم الفتنة والشقاق وفساد الأمر، ثم ذكر مكمن الخطورة فقال: (وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ) أي: وفيكم جواسيس لهم، أو وفيكم من يستمع لهم ويتأثر بكلامهم ويستجيب لفتنتهم. والمنافقون في الحكم الظاهر مسلمون.
وقد استباح النبي صلى الله عليه وآله وسلم فتح رسالة حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه لما تبين له أنه كاتب المشركين، وقصته في صحيحي البخاري ومسلم، وقد بوّب له البخاري في كِتَابٌ: الِاسْتِئْذَانُ من صحيحه “بَابُ مَنْ نَظَرَ فِي كِتَابِ مَنْ يُحْذَرُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ لِيَسْتَبِينَ أَمْرُه”. فلا حرج على القائمين على أمر المسلمين من الحذر وتتبع مواطن الريب مما يعود ضرره على الدين عامة أو على حمى المسلمين أو أمنهم واستقرارهم.
ولكن يجب الحذر من تعدي الحدود والتعدي على حرية الإنسان دون ضرورة فإن الحرية من كليات الشريعة، والحذر من اتخاذ ذلك عاما في الناس مما يسبب في بناء علاقة الريبة بين الحاكم والمحكوم، أو التسبب في أذية المسلمين – دون إذن شرعي- المحرمة قطعا في الشريعة.
وأما التجسس على أهل الكفر ومعرفة تحركاتهم وتآمرهم فجائز قطعا، وقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يرسل العيون على الكفار ليأتوه بأخبارهم، وذلك شيء يطول شرحه وتفصيله.
فلا حرج من حيث الأصل في العمل في سلك الاستخبارات للدولة المسلمة، وعلى القائمين على هذا الجهاز، وعلى كل موظف فيه أن يتقوا الله عز وجل ولا يستعملوه إلا من أجل الحفاظ على الدين وعلى حمى المسلمين وأمنهم واستقرارهم.
والله أعلم.