هل يجوز لنا الاستغاثة برسول الله صلى الله عليه وسلم

رقم الفتوى ( 2697 )

السؤال : هل يجوز لنا الاستغاثة برسول الله صلى الله عليه وسلم كأن نقول: مدد يارسول الله! أو يارب بمحمد نبيك؟

الجواب : الاستغاثة معناها: طلب الغوث، والغوث: هو الإعانة
في وقت الشدة، والاستغاثة نوعان:
النوع الأول: استغاثة فيما يقدر عليه المخلوق، وهذه تجوز من المخلوق، قال الله عز وجل: (وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَىٰ حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَٰذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَٰذَا مِنْ عَدُوِّهِ ۖ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَىٰ فَقَضَىٰ عَلَيْهِ ۖ قَالَ هَٰذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ ۖ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ) [سورة القصص: 15]. فهذه استغاثة جائزة حيث استغاث الإسرائيلي بموسى عليه الصلاة والسلام فيما يقدر عليه وهو صد المعتدي عليه وهو القبطي.
والنوع الثاني: الاستغاثة فيما لا يقدر عليه إلا الله عز وجل، وهذه لا تجوز بغير الله عز وجل، قال الله عز وجل: (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ) [سورة اﻷنفال: 9]. فالرسول صلى الله عليه وسلم لم يستغث في بدر في طلب النصر والمدد بغير الله عز وجل.
وقال سبحانه وتعالى: (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ ۗ أَإِلَٰهٌ مَعَ اللَّهِ ۚ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ  أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ۗ أَإِلَٰهٌ مَعَ اللَّهِ ۚ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ  أَمَّنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ۗ أَإِلَٰهٌ مَعَ اللَّهِ ۚ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) [سورة النمل: 62 – 64].
ودعوة المضطر هي الاستغاثة، وإجابة المضطر هي الإغاثة، وقد أخبر الله عز وجل بأسلوب السؤال أنه لا يجيب المضطر سواه سبحانه وتعالى، ولا يكشف السوء غيره، وأن اعتقاد أن غير الله عز وجل يقدر على شيء من ذلك هو من باب اتخاذ إله مع الله جل في علاه؛ لهذا تكرر قوله: (أَإِلَٰهٌ مَعَ اللَّه).
فالاستغاثة بالرسول صلى الله عليه وسلم فيما لا يقدر عليه إلا الله كالنصر والمدد شرك بالله عز وجل، والشرك هو أعظم الذنوب على الإطلاق. فليحذر العبد من الوقوع في شيء من ذلك. قال الله عز وجل: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ۚ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَىٰ إِثْمًا عَظِيمًا) [سورة النساء: 48].
وأما مسألة التوسل بالرسول صلى الله عليه وسلم كأن تقول: “يارب بمحمد نبيك” فمسألة أخرى غير مسألة الاستغاثة، فالمستغيث بالرسول صلى الله عليه وسلم يتوجه بالدعاء والطلب إليه مباشرة فيما لا يقدر عليه إلا الله عز وجل، وهذا هو الشرك بالله عز وجل، وأما المتوسل بالرسول صلى الله عليه وسلم فهو متوجه بالدعاء والطلب إلى الله عز وجل القادر على كل شيء، ولكنه يذكر في طلبه اسم الرسول صلى الله عليه وسلم متوسلا به عند الله عز وجل، وهذا غير جعل الأوساط بين الخالق والمخلوق يدعوهم كما يدعو الله عز وجل، والتوسل من مسائل الخلاف بين علماء المسلمين، والسلامة في ترك ما فيه شبهة، والتوسل الذي لا شبهة فيه ولا خلاف في جوازه أن يقول المسلم: اللهم إني أتوسل إليك يارب بمحبتي لنبيك محمد صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.

 

زر الذهاب إلى الأعلى